أي إن الوصف لا ينفك عنها، لارتباطهما الوثيق، كالنهي عن صوم أيام العيد، والبيع المشتمل على الربا أو على شرط فاسد، والنهي عن بيع المجهول، أو كون الثمن خمرًا، فاختلف العلماء في هذه الصور على قولين:
القول الأول: إن هذا النهي يقتضي شرعًا -لا لغة- فساد المنهي عنه أو بطلانه، وهما بمعنى واحد، وأنه لا يترتب عليه أثر، سواء كان المنهي عنه عبادة أو معاملة، وهذا رأي الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة.
والظاهرية، واستدلوا بأدلة الحنابلة والظاهرية السابقة في الحديث، وعمل الصحابة، والمعقول.
القول الثاني: وهو رأي الحنفية الذين يفرقون بين الفاسد الذي تترتب عليه بعض الآثار، والباطل الذي لا تترتب عليه الآثار، وقالوا: إن النهي (هنا) يقتضي فساد الوصف فقط، ويبقى أصل العمل مشروعًا، ويرتبون عليه بعض الآثار؛ لأن أصل العمل مشروع وهو الصوم، والبيع، وأن المخالفة راجعة إلى وصف مكمل للعمل مع سلامة حقيقته بوجود ركنه (وهو الإيجاب والقبول) ومحله المعقود عليه، وتتحقق فيه مصلحة على وجه ما، فيكون فاسدًا لا باطلًا، ويمكن إزالة سبب الفساد بعدئذ، ولذلك عرفوا الفاسد بأنه مشروع بأصله لا بوصفه، وأن النهي عن الوصف يفيد المعصية فقط مع صحة التصرف في المعاملات لا في العبادات (١).
(١) المستصفى (٢/ ٢٤)، المحصول (٢/ ٤٨٦)، نهاية السول (٢/ ٦٣)، الإحكام للآمدي (٢/ ١٨٨)، البحر المحيط (٢/ ٤٣٩)، تيسير التحرير (١/ ٣٧٦)، أصول السرخسي (١/ ٨٠، ٨٢)، فواتح الرحموت (١/ ٣٩٦)، التوضيح على التنقيح (٢/ ٢٢٣)، كشف الأسرار (١/ ٢٥٧، ٢٥٨)، العضد على ابن الحاجب (٢/ ٩٥)، المعتمد (١/ ١٨٤)، المسودة ص ٨٠، ٨٣، مختصر البعلي ص ١٠٤، شرح الكوكب المنير (٣/ ٨٤) وما بعدها، العدة (٢/ ٤٣٢)، إرشاد الفحول ص ١١٠، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (١/ ٢٣٦) وما بعدها، أصول الأحكام ص ٣١٨.