ويرد عليه أن الاختلاف المنفي في القرآن هو التناقض في المعنى والبلاغة والإعجاز، أما الاختلاف في الأحكام فهو مقبول إجماعًا، لوقوع الاختلاف بين الصحابة في التيمم، وإعادة الصلاة، وفي صلاة العصر في غزوة بني قريظة، وأقرهم عليه رسول الله، ولذا قالوا: "اختلاف العلماء رحمة" واحتج ابن حزم أيضًا بقوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: ٨٩] فالقرآن فيه بيان لكل الأحكام، ولو ثبتت الأحكام بالقياس لكان ذلك معارضا للقرآن في بيان الأحكام، ويُردُّ عليه أن القرآن تبيان لكل شيء إجمالًا، وتأتي السنة والإجماع والقياس بيانًا وتفصيلًا وتوضيحا، واستدل من السنة بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لم يزل أمر بني إسرائيل مستقيمًا حتى قاسوا ما لم يكن على ما كان، فضَلُّوا وأضَلُّوا" فالرسول اعتبر القياس ضلالًا وإضلالًا، والرد عليه أن هذا ليس بحديث، وإنما هو قول لعروة كما رواه الدارمي وأبو عوانة، ولو كان حديثًا فهو ضعيف لأن في سنده قيس بن الربيع، وقد جرحه علماء الحديث، وأن المعنى أنهم قاسوا بدون علة مشتركة بدليل قوله: إما لم يكن على ما كان" وهو الحكم بالتشهي، وهذا ممنوع قطعًا، انظر: المستصفى: ٢ ص ٢٣٥، ٢٤٦، ٢٥٦، أعلام الموقعين: ٢ ص ٣٤، إرشاد الفحول: ص ١٩٩، حاشية العطار: ٢ ص ٢٤١، الإحكام، ابن حزم: =