للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستدل الجمهوز على قولهم بالكتاب والسنة والإجماع والمعقول.

[١ - الكتاب]

قال تعالى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} [الأنبياء: ٧٨ - ٧٩]، قال الماوردي رحمه اللَّه تعالى: "وقد نسب اللَّه تعالى نبيه داود إلى الخطأ، وسليمان إلى الإصابة" (١)، وتدل الآية أن اللَّه تعالى خصص سليمان بفهم الحق في الواقعة، دون داود، حتى يكون التخصيص مفيدًا، فتبين أن حكم اللَّه واحد، وأن المصيب فيه واحد.

لكن اعترض بعض العلماء على هذا الاستدلال بأن الدلالة على عدم فهم داود كانت بطريق المفهوم، وهو مختلف بالاحتجاج به.

[٢ - السنة]

قال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: "إذا اجتهدَ الحاكمُ فأصابَ فله أجران، وإن اجتهد فاخطأ فله أجر" (٢)، وهذا يدل على أن الاجتهاد قسمان: صواب وخطأ، وأن المجتهد قد يُصيب وقد يخطئ، وأن من أصاب الحق فهو المصيب، وما عداه فهو مخطئ، فالحق واحد لمن أصابه، ولو كان الحق متعددًا لكان كل مجتهد مصيبًا، وهو خلاف الحديث.

واعترض بعض العلماء على الاستدلال، بأن الحديث لا يدل على محل النزاع في كون الحق واحدًا، والمصيب واحدًا، بل يدل فقط على أن المجتهد إذا اجتهد في مسألة منصوص عليها، أو مجمع عليها، وأصاب، فله أجران، وإن أخطأ فله أجر.

واستدل الجمهور بحديث صريح في محل النزاع، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - لأمير السرية: "وإنْ طلبَ منك أهلُ حصن النزولَ على حكم اللَّه، فلا تُنْزِلْهم على حكمِ اللَّه، فإنَّك لا تدري: أتصيبُ حكمَ اللَّه فيهم أم لا" (٣)، وتأكد ذلك مع سيدنا علي وابن عباس


= الأحكام ص ٣٧٢، علم أصول الفقه، خلاف ص ٢٢٠.
(١) الحاوي (٢٠/ ١٩٠).
(٢) هذا الحديث سبق بيانه.
(٣) هذا الحديث رواه مسلم، والترمذي وصححه، وابن ماجه وأحمد من حديث طويل =

<<  <  ج: ص:  >  >>