للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن كان اللفظ لا يحتمل التأويل والتخصيص، ولا النسخ فهو المُحْكم، وهو أعلى درجات الوضوح، وإن كان لا يحتمل التأويل والتخصيص، ويدل على معناه دلالة قطعية، لكنه يقبل النسخ فهو المفَسَّر، وإن كان اللفظ يحتمل التأويل والتخصيص، ويقبل النسخ، ولكنه مسوق بالذات لإفادة معناه والمراد منه فهو النصّ، وإن كان اللفظ يحتمل التأويل والتخصيص، ويقبل النسخ، وليس مقصودًا بالسّياق فهو الظاهر، وهو أقل المراتب وضوحًا.

ويكون الفرق بين المحكم والمفسر أن الأول لا يحتمل النسخ، والثاني يحتمله في عهد الرسالة، والفرق بين المفسر والنص أن الأول يُبين المراد منه بنفس الصيغة، والثاني يكون المراد منه بمعنى من المتكلم، والفرق بين النص والظاهر أن الأول سيق الكلام له أصالة وبالذات لإفادة ما دلّ عليه النص، والثاني لم يكن المعنى مقصودًا بالسيّاق.

وهذا تعريف لكل نوع، مع المثال له.

[١ - الظاهر]

الظاهر لغة: خلاف الباطن، وهو الواضح المنكشف، وفي الاصطلاح الأصولي عند الحنفية: هو اللفظ الذي يدل على معناه بصيغته من غير توقف على قرينة خارجية، ولم يكن المراد منه هو المقصود أصالة من السياق، ويحتمل التأويل والتخصيص والنسخ (١).

مثاله: قال تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥]، فظاهر اللفظ يدل على حل البيع، وحرمة الربا، وهذا ما يتبادر إلى الذهن ولا يحتاج إلى قرينة، ولكنه غير مقصود أصالة من سياق الآية التي سيقت للرد على القائلين: "إنّما البيع مثل الربا"، فردَّ اللَّه تعالى عليهم وكذبهم بأنه أحل


(١) أصول السرخسي (١/ ١٦٣)، تيسير التحرير (١/ ١٣٦)، فتح الغفار (١/ ١١٢)، فواتح الرحموت (٢/ ١٩)، إرشاد الفحول ص ١٥٧، التلويح على التوضيح (١/ ١٢٤)، كشف الأسرار (١/ ٤٦)، الفصول في الأصول (١/ ٥٠)، علم أصول الفقه ص ١٦٢، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (١/ ٣١٧)، أصول الأحكام ص ٢٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>