للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المسألة الثالثة: نقض الاجتهاد]

نقض الاجتهاد هو هدمه وإلغاؤه وإبطال العمل به، ويأخذ إحدى الصور الثلاث، بحسب موقعه، إما في العمل به والتطبيق في الحياة، وإما في الإفتاء، وإما في القضاء، سواء كان النقض من نفس المجتهد الأول، أو من غيره.

والمبدأ العام في نقض الاجتهاد واحد في الصور الثلاث، وقد يختلف الأمر في الأثر المترتب على النقض من صورة إلى أخرى.

والمبدأ العام في نقض الاجتهاد له شقان:

[الشق الأول: وجوب نقض الاجتهاد]

إذا كان الاجتهاد مخالفًا لنص صريح في القرآن الكريم، أو السنة الشريفة، ولو كانت سنة آحاد صريحة، أو مخالفًا لإجماع، فإنه ينقض باتفاق العلماء والأئمة والمذاهب، سواء من نفس المجتهد أو من غيره؛ لأن هذا الاجتهاد -أصلًا- باطل؛ لمخالفة النص والإجماع، فيلغى ولا يجوز العمل به في الحياة العملية، ولا يجوز الإفتاء به، ولا القضاء به، وإن عمل به، فيجب الرد، وإذا صدر فيه حكم قضائي، نقض، وإذا أفتى به شخص، يجب الرجوع عنه وإبلاغ من أفتاه ليرجع.

وأضاف الحنفية والمالكية والشافعية بأن الاجتهاد ينقض إذا خالف قياسًا جليًّا، وهو ما تكون العلة فيه صريحة في الأصل، أو تكون في الفرع أشد منها في الأصل كالضرب والتأفيف، أو تكون العلة مساوية تمامًا، ولا فرق نهائيًّا بين الأصل والفرع كالمرأة قياسًا على الرجل في الكفارة وغيرها، وخالف في ذلك الحنابلة وقالوا: لا ينقض الاجتهاد بمخالفة القياس مطلقًا، ولو كان جليًّا على الصحيح عندهم (١).


(١) قال ابن النجار الحنبلي رحمه اللَّه تعالى: "ولا ينقض بمخالفة قياس، ولو جليًّا على الصحيح من المذهب، وقطع به الأكثر" شرح الكوكب المنير (٣/ ٥٠٥)، وانظر: الإحكام للآمدي (٤/ ٢٠٣)، المدخل إلى مذهب أحمد ص ١٩٠.
وصرح الغزالي وابن السبكي والآمدي والقرافي وغيرهم بنقض الحكم بمخالفته القياس الجلي، انظر المراجع التالية. =

<<  <  ج: ص:  >  >>