للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نبوته، وكانت معجزات الأنبياء تتناسب مع أهل زمانهم، ففي عهد موسى - عليه السلام - شاع السحر، وانتشر في بقاع الأرض، فكانت معجزته في العصا واليد، وتحداهم وتغلب عليهم، وفي عصر عيسى - عليه السلام - ترقى الطب فكانت معجزته إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص والشفاء من الأمراض المستعصية بإذن الله ومشيئته، فاقروا بنبوته وآمنوا به، وفي الجزيرة العربية سادت البلاغة والفصاحة والبيان والشعر العربي، فكانت معجزة محمَّد عليه الصلاة والسلام القرآن الكريم الذي نزل بلغة العرب وألفاظهم وحروفهم، فعجز أئمتهم عن الإتيان بمثله، فصدقوا به وآمنوا برسالته، وعلموا أن هذا الكلام لا يقوله بشر، بل هو من عند الله تعالى.

وامتازت معجزة محمَّد عليه الصلاة والسلام على المعجزات الأخرى أنها معجزة حية باقية خالدة في كل عصر، ودائمة في كل زمان (١)، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من نبي من الأنبياء قبلي إلا أعطي من الآيات -المعجزات- ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة" (٢).

ثانيًا: شروط الإعجاز:

ويشترط في تحقيق الإعجاز لإثبات العجز للغير أن تتوفر في المعجزة الشروط التالية (٣)، وهي:

[الشرط الأول التحدي: وهو طلب المباراة والمنازلة والمعارضة]

وقد تحقق هذا الشرط في إعجاز القرآن الكريم، وذلك أن محمَّد بن


(١) أصول الفقه، أبو زهرة: ص ٧٧، مصادر التشريع الإِسلامي: ص ٧٠.
(٢) رواه البخاري ومسلم وأحمد.
(٣) أصول الفقه، خلاف: ص ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>