{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}[المائدة: ٦]، فيتكرر الوضوء لأنه شرط للصلاة المتكررة، وقد يكون الأمر مرتبطًا بثبوت وصفط هو علة للمأمور به، كقوله تعالى:{أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ}[الإسراء: ٧٨]، فيجب تكرار الصلاة كلما أصبحت الشمس في كبد السماء، وقد يكون الأمر مرتبطًا بسبب فيتكرر كلما تكرر السبب، كقوله تعالى:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}[النور: ٢]، فيتكرر الجلد كلما تكرر سببه وهو الزنا، لأن الشرع علَّق الحكم على وجود علته أو سببه.
فإن لم توجد قرينة فلا يدل الأمر على التكرار، لإجماع أهل العربية على أن هيئة الأمر لا تدل إلا على مجرد الطلب في المستقبل (١).
[دلالة الأمر على الفور أو التراخي]
المقصود من كون الأمر للفور أن يبادر المكلف لامتثال الأمر وتنفيذه دون تأخير، مع وجود الإمكان، فإن تأخر عن الأداء كان مؤاخذًا.
والمقصود بالتراخي أنه يجوز للمكلف أن يمتثل الأمر حالًا، ويجوز له التأخير إلى وقت آخر.
فإن ورد الأمر مقيدًا بوقت فيجب الالتزام بامتثاله في ذلك الوقت كصيام رمضان، وإن كان الوقت موسعًا فيصح في أوله وأوسطه وآخره، وإذا ورد الأمر مقيدًا بجواز التأخير فهو على التراخي باتفاق، ولكن اختلف العلماء إذا
(١) أصول السرخسي (١/ ٢٥)، تيسير التحرير (١/ ٣٥١)، الإحكام للآمدي (٢/ ١٥٥)، نهاية السول (٢/ ٤٣)، البحر المحيط (٢/ ٣٨٥)، الإحكام لابن حزم (١/ ٣١٩)، شرح تنقيح الفصول ص ١٣٠، المستصفى (٢/ ٢)، فواتح الرحموت (١/ ٣٨٠)، العضد على ابن الحاجب (٢/ ٨١)، التلويح على التوضيح (٢/ ٦٩)، مختصر البعلي ص ١٠، نزهة الخاطر (٢/ ٧٨)، شرح الكوكب المنير (٣/ ٤٥)، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (١/ ٢٢٤)، أصول الأحكام ص ٣١٤، المسودة ص ٢٠، المدخل إلى مذهب أحمد ص ١٠٢، المحصول (٢/ ٥٧)، علم أصول الفقه ص ١٩٥.