للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مظنة الوقوع في الشبهات، أو الضلال، أو اضطراب الآراء، أما التقليد فإنه طريق آمن، وأسلم، فيجب المصير إليه، كما ورد النهي عن النظر والجدال في آيات اللَّه، والرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى الصحابة عن الكلام في القدر، وقال: "إنما هلك من كان قبلكم لخوضهم في هذا" (١).

وقال العلماء: هذا قول ضعيف، فالتقليد قد يوقع في الضلال كما فعل المشركون بتقليد الآباء، ويكون النهي عن الجدال بالباطل، مع الأمر بالجدال بالتي هي أحسن، والنهي عن الكلام في القدر؛ لأنه ثبت بالنص، فيكون الجدال فيه مماراة عن الحق (٢).

ثانيًا: حكم التقليد في الفروع العملية:

اختلف العلماء في حكم التقليد في الفروع العملية، وهي المسائل الفقهية الجزئية على عدة أقوال، أهمها ثلاثة، وهي:

القول الأول: التقليد غير جائز في الفروع العملية، ويجب فيها الاجتهاد على كل مكلف ليعمل بما أداه إليه اجتهاده، بحسب قدرته، وهو قول الظاهرية وبعض المعتزلة، وجماعة من الإمامية؛ لأن المسلم مأمور باتباع ما أنزل اللَّه في كتابه، والأخذ بقول رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، ولا يجوز ما عدا ذلك.

وهذا كلام نظري خيالي، فكلام اللَّه وكلام الرسول يحتاج إلى اجتهاد لفهم مراده ومعناه، ولا يقدر عليه كل أحد، وأن جماهير الصحابة رضي اللَّه عنهم كانوا يسألون كبار الصحابة وعلماءهم ويقتدون بهم.

القول الثاني: التقليد واجب على جميع الناس بعد زمن الأئمة المجتهدين، وأن النظر والاجتهاد غير جائز، لغلق باب الاجتهاد، وعدم توفر


(١) هذا الحديث أخرجه الترمذي عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٢) الإحكام للآمدي (٤/ ٢٢٣)، تيسير التحرير (٤/ ٢٤٣)، فواتح الرحموت (٢/ ٤٠١)، البناني على جمع الجوامع (٢/ ٤٠٠)، نهاية السول (٣/ ٢٨٤)، مختصر ابن الحاجب (٢/ ٣٠٥)، شرح الكوكب المنير (٤/ ٥٣٦)، إرشاد الفحول ص ٢٦٦، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (٢/ ١١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>