(٢) أنكر بعض الظاهرية العمل بالراجح، وأنه يلزم عند التعارض التخيير، أو التوقف، أو العمل بالمرجوح، لقوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: ٢]، فأمر بالاعتبار مطلقًا، ولا وجه لوجوب العمل بالراجح دون المرجوح، فالعمل بالمرجوح ضرب من الاعتبار، وأن الأمر بالحكم بالظاهر، والمرجوح ظاهر فجاز العمل به، والأدلة الراجحة والمرجوحة سواء في وجوب الطاعة والاستعمال؛ لأنها كلها من عند اللَّه، واعترض العلماء على هذه الاستدلالات وأنها باطلة، ونسب هذا القول لأبي عبد اللَّه الحسين البصري المعتزلي، ولكن إمام الحرمين أنكر ذلك وقال: لم أجده في مصنفاته، وقال القاضي أبو بكر الباقلاني: لا يجوز العمل بالمرجح المظنون، وإنما أقبل الترجيح بالمقطوع به، لتقديم الظن على القياس، لا بالأوصاف ولا الأحوال ولا بكثرة الأدلة ونحوها، فلا يجب العمل به، فإن الأصل امتناع العمل بالظن، وردَّ العلماء قوله أيضًا بأدلة كثيرة (انظر آراء الجماهير وأدلتهم والمخالفين والرد عليهم في: الإحكام للآمدي (٤/ ٢٣٩)، المحصول (٥/ ٥٢٩)، المستصفى (٢/ ٣٩٤)، جمع الجوامع والبناني (٢/ ٣٦١)، نهاية السول (٣/ ١٨٩)، =