للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظني، ولأن الظني ينتفي بالقطع، كآية وخبر آحاد، فلا تعارض في الثبوت، ولكن يقع التعارض من حيث الدلالة، ومثل خبر متواتر وخبر آحاد، فلا تعارض بينهما، ويقدم القطعي حتمًا وهو المتواتر، باتفاق (١)، ولا يتحقق التعارض بين نص وإجماع، فيقدم الإجماع لتحديد الدلالة، ولا تعارض بين نص وقياس، فيقدم النص، ولا تعارض بين إجماع وقياس، فيقدم الإجماع، ولا تعارض بين حديث صحيح مع حديث ضعيف أو مردود؛ لأن الحديث الضعيف أو المردود ليس حجة أصلًا ولا دليلًا (٢).

[٢ - الاتحاد في الموضوع والمحل والزمان]

يشترط لتحقق التعارض أن يتحد الدليلان في موضوع واحد، فإن اختلف الموضوع، وكان أحدهما حلالًا والآخر حرامًا، فلا تعارض.

وأن يتحد الدليلان في المحل، وهو محل الحكم بالنفي والإثبات لشخص واحد، فإن اختلف المحل، فلا تعارض، كالحكم على المدين الموسر، والإنظار وعدم المطالبة من المدين المعسر، أو المتوفى عنها زوجها والمطلقة.

وأن يتحد الدليلان في الزمان، ليقع التعارض، فإن اختلف الزمان في الصلاتين، أو في الصومين، فلا تعارض، وإن تقدم أحد الدليلين، وتأخر الآخر، فلا تعارض؛ لكون المتأخر ناسخًا


(١) إذا تعارض الظاهر من الكتاب والسنة، فقد اختلف العلماء في ذلك، فقال بعضهم: يقدم الكتاب؛ لأنه أشرف، ولحديث معاذ رضي اللَّه عنه: "أقضى بكتاب اللَّه، فإن لم أجد فبسنة رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - " وقال آخرون: تقدم السنة؛ لأنها المفسرة للكتاب والمبينة له، ونقل ذلك عن الإمام أحمد رحمه اللَّه أنه كان يقدّم السنة على الكتاب بطريق البيان، لا بطريق ترجيح نوع السنة على نوع الكتاب، وقال فريق ثالث: يقع التعارض، ورجحه الجويني. البحر المحيط (٦/ ١٠٩)، البرهان (٢/ ١١٨٥)، جمع الجوامع (٢/ ٣٧٣)، تيسير التحرير (٣/ ١٦٢)، شرح الكوكب المنير (٤/ ٦٠).
(٢) قال ابن النجار رحمه اللَّه تعالى: يتم ترتيب الأدلة عامة بتقديم الإجماع، فالكتاب كالسنة المتواترة، ثم آحاد السنة على مراتبها: الصحيح فالحسن فالضعيف، فقول الصحابي، فالقياس (شرح الكوكب المنير (٤/ ٦٠٠) وما بعدها) وهذا أمر مختلف فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>