للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واقتضت المصلحة الشرعية إكرام الضيوف، والتوسعة عليهم، وإدخال السرور إلى قلوبهم، فمنع رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - على أهل المدينة أن يدّخروا شيئًا من لحوم الأضاحي؛ ليتم توزيعها كاملة، فيعم النفع بها، ولما تغيرت الأحوال أعلن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - نسخ ذلك، ونص على بيان العلة، فقال عليه الصلاة والسلام: "كنتُ نهيْتُكم عن ادِّخارِ لحومِ الأضاحي من أجلِ الدّافّة (الوفود والضيوف) ألا فكلوا وادّخروا" (١)، واقتضت المصلحة نسخ المنع، وإباحة الادخار والاستفادة من الأضحية، وكان النهي لسبب، فلما زال السبب ارتفع النهي.

[٤ - زواج المتعة]

كان زواج المتعة شائعًا في الجاهلية، ومرّ المسلمون في أول الدعوة في المدينة المنورة بظروف شديدة وقاسية في الجهاد والغزوات والسرايا، فسكت الشرع الحنيف في مبدأ الأمر على زواج المتعة، وأذن به في بعض الغزوات، ئم نسخه باستقرار نظام الزواج الذي يقرر الحقوق الكاملة للمرأة، بقوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٢٨]، وبيَّن ذلك عليٌّ رضي اللَّه عنه قال: "إن رسولَ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - نهَى عن نكاحِ المتعةِ يوْمَ خَيْبَر، وعن لحومِ الحُمُر الإنسية" (٢).

[٥ - عدة المرأة المتوفى عنها زوجها]

كانت عدة المرأة المتوفى عنها زوجها في الجاهلية سنة كاملة، فأمر اللَّه المسلمين أن يوصُوا لأزواجهم نفقة طوال العدة لمدة سنة، فقال تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة: ٢٤٠]، ثم نسخ اللَّه تعالى ذلك وجعل عدة المرأة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام، فقال تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ


(١) هذا الحديث أخرجه البخاري ومسلم وأصحاب السنن الأربعة، ومالك وأحمد والحاكم عن عائشة رضي اللَّه عنها، وعن علي كرم اللَّه وجهه، وعن غيرهما مرفوعًا بألفاظ متقاربة.
(٢) هذا الحديث أخرجه البخاري ومسلم والنسائي والبيهقي، وفيه قصة ردّ علي رضي اللَّه عنه على ابن عباس رضي اللَّه عنهما الذي كان يرخص في متعة النساء، فقال له علي كرم اللَّه وجهه: "إنك امرؤ تائه" وانظر: التلخيص الحبير ٣/ ١٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>