لقد اختار الله سبحانه محمد بن عبد الله لتبليغ رسالته للناس، واصطفاه لهذه المهمة، وأنزل عليه القرآن الكريم هدى ورحمة للعالمين، ليطبقه وينفذ أحكامه، ويرشد الناس إلى الدين الحق، والشريعة الغراء، بالتربية والتوجيه، فكانت أقواله وأفعاله مصدرًا تشريعيًّا كاملًا.
وتعتبر السنة مصدرًا ثانيًا بعد القرآن الكريم، ولكنها تشتمل على كثرة الفروع، وزيادة التفصيل، ودقة التنظيم التشريعي؛ لأنها جاءت شارحة للقرآن الكريم، ومفصلة لقواعده الكلية التي جاءت في محكم آياته (١)، ولذا يتحتم علينا الاعتماد عليها، والاهتداء بنورها، والاستعانة بها على فهم كتاب الله تعالى، وسوف نرى تفصيل ذلك في مطلب مكانة السنة، بعد أن نتناول تعريف السنة وحجيتها وأنواعها وثبوتها.
(١) السنة ومكانتها في التشريع، لأستاذنا المرحوم الدكتور مصطفى السباعي: ص ٦.