هو دلالة اللفظ الدال على حكم مقيد بغاية على ثبوت نقيض الحكم بعد هذه الغاية، وللغاية لفظان: إلى، حتى، والغاية انتهاء الشيء وتمامه، وحكم الغاية أن يكون ما بعدها مخالفًا لما قبلها.
مثاله: قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}[البقرة: ١٨٧]، فتدل الآية بمنطوقها على إباحة تناول الطعام والشراب في الليل إلى الفجر، وتدل بالمفهوم المخالف على تحريم ذلك بعد الغاية، وهي طلوع الفجر، وتدل على جواز تناول المفطرات بدخول الليل بعد الإمساك عنها طوال النهار، وتدل بالمنطوق على وجوب الصيام بياض النهار، وتدل بالمفهوم المخالف على عدم وجوب الصيام في الليل.
ومثاله: قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ}[البقرة: ٢٢٢]، فتدل الآية على تحريم إتيان النساء زمن الحيض، وقبل الاغتسال، وتدل بمفهوم المخالفة على جواز الإتيان بعد الحيض والاغتسال.
ومثاله: قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}[البقرة: ٢٣٠]، فتدل بالمنطوق على تحريم المطلقة ثلاثًا على زوجها حتى تتزوج بآخر، وتدل بمفهوم المخالفة على أنها إذا نكحت زوجًا آخر حلَّت لزوجها الأول.
ومثاله: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا زكاةَ في مَالٍ حتى يَحُولَ عليه الحَوْلُ"(١)، فالحديث يدل بمنطوقه على عدم وجوب الزكاة قبل مرور سنة على تملك النصاب فيه، ويدل بمفهوم المخالفة على وجوب الزكاة عند حَوَلان الحَوْل على تملك النصاب.
حجية مفهوم الغاية:
قال جمهور العلماء من الفقهاء والمتكلمين: إن مفهوم الغاية حجة يجب الحمل بها، فإذا قُيّدَ الحكم بغاية دل على نفي الحكم فيما بعد الغاية،
(١) هذا الحديث أخرجه مالك وأبو داود والترمذي والدارقطني عن علي وابن عمر وأنس وعائشة مرفوعًا وموقوفًا، وقال الترمذي والدارقطني: "الموقوف أصح" وعمل به جماهير الفقهاء.