للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢ - تأخير البيان عن وقت ورود الخطاب]

وذلك بأن يتأخر البيان عن وقت ورود الخطاب إلى وقت الحاجة إلى الفعل، كالواجبات غير الفورية، فقد اختلف فيه علماء الأصول على تسعة أقوال، أهمها اثنان، فقال الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة بأنه جائز وواقع فعلًا، وقال الحنفية والظاهرية: لا يجوز تأخير البيان، ويجب أن يكون البيان متصلًا، أو في حكم المتصل، احترازًا من الانقطاع بعطاس ونحوه.

وأرى أن المسألة الآن لا فائدة منها، ولا ثمرة لها، ولا طائل لمناقشتها، وهي تاريخية في زمن البعثة، وذكر الجمهور أدلة كثيرة لهم منها: الوقوع الفعلي لكثير من الآيات التي نزلت ثم بيّنها رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فيما بعد، ومنها الآيات والمصطلحات الشرعية التي نزلت في القرآن، ثم بينها القرآن الكريم فيما بعد كالصلاة والزكاة والحج والسرقة وقسمة الفيء والأنفال، وحكم الأسرى، وغير ذلك، واستدل الفريق الثاني بدليل عقلي وهو أن التأخير يلزم منه إما التحكم إذا كان إلى مدة معينة، وإما التكليف مع عدم الفهم إن كان التأخير للأبد، وردَّ الجمهور عليهم أن جواز التأخير إلى مدة معينة عند اللَّه، وهو وقت التكليف الفعلي، ولا حاجة للتطويل في ذلك (١).

وفي التشريعات القانونية اليوم يصدر التشريع الأساسي في أمر، ويحدِّد مدة لبدء تطبيقه، ويُصْدر في هذه المدة لوائح تنفيذية وتفسيرية له، ولا يطبق إلا بعد بيانه.


= كان تأخير البيان عن وقت الحاجة بالفعل غير جائز بالاتفاق، انظر: إرشاد الفحول ص ١٧٤، الفصول في الأصول (٢/ ٤٨) هامش.
(١) من أراد الاطلاع على هذه المسألة والاطلاع على الآراء والأدلة فينظر: المعتمد (١/ ٣٤٢)، المستصفى (١/ ٣٦٨)، الإحكام للآمدي (٣/ ٣٢)، المحصول (٣/ ٢٧٩)، كشف الأسرار (٣/ ١٠٨)، تيسير التحرير (٣/ ١٧٤)، الإحكام لابن حزم (١/ ٧٥)، نهاية السول (٢/ ١٥٦)، فواتج الرحموت (٢/ ٤٩)، شرح العضد (٢/ ١٦٤)، شرح الكوكب المنير (٣/ ٤٥١)، البرهان (١/ ١٦٦)، المسودة ص ١٨١، العدة (٣/ ٧٢٤)، مختصر الطوفي ص ١١٩، روضة الناظر ص ١٨٥، الفصول في الأصول (٢/ ٤٧)، إرشاد الفحول ص ١٧٣، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (١/ ٣٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>