فالإعجاز قد تم وتحقق، وأن القرآن الكريم هو كلام الله، ولا يستطيع البشر أن يأتوا بمثل سورة منه، وأنه دليل على صدق نبوة محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، وأنه معجزة من عند الله تعالى، يتقبله المؤمن بصدر رحب، ويرجع إليه لمعرفة حكم الله تعالى، قال الله عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) لَا يَمَسُّهُ إلا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩)} [الواقعة: ٧٧ - ٧٩].
ثالثًا: وجوه إعجاز القرآن الكريم:
بعد أن تبين أن القرآن الكريم معجزة، وأنه أعجز البشر عن المجيء بمثله، فما هي أوجه الإعجاز التي اشتمل عليها؟.
إن القرآن الكريم كلام الله تعالى معجزة في مناحية من نواحيه، وإن العقل البشري في عصر ما قاصر عن حصر أوجه الإعجاز، وإنه معجزة لرسول الله في حياته وبعد مماته إلى أن تقوم الساعة، وإنه برهان أكيد دائم على نبوة محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، ولذلك لا يمكن حصر أوجه الإعجاز فيه، وكلما ازداد النظر والتدبر في كتاب الله تعالى تجلت أنواع جديدة في إعجازه، وكلما تقدم العلم وتطورت وسائله تكشفت أوجه أخرى في الإعجاز، وكلما سار الزمن ظهرت معجزات القرآن الكريم، وتأكد أنه كلام الله تعالى الذي يعلم السر وأخفى، ويطلع على أسرار الكون القديمة والحاضرة والمسقبلة، وأن الزمن مكشوف أمام الله تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤)} [الملك: ١٤].
ومع ذلك حاول العلماء حصر أوجه الإعجاز بما يلي (١):
(١) أصول الفقه، خلاف: ص ٢٨، أصول التشريع الإِسلامي: ص ١٧، أصول الفقه، أبو زهرة: ص ٧٨، فصول في أصول التشريع الإسلامي: ص ١٠، الجواب الصحيح: ١ ص ٧٤، الإنصاف، للباقلاني: ص ٦٢، إعجاز القرآن للباقلاني: =