للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أنواع العزيمة]

يدخل في العزيمة الأنواع الأربعة التالية:

١ - ما شرع ابتداء من أول الأمر لصالح المكلفين عامة، كالعبادات والمعاملات والجنايات وجميع الأحكام التي شرعها اللَّه تعالى لعباده لتحقيق المصالح في الدنيا والآخرة، وهذا النوع هو الغالب في الأحكام.

٢ - ما شرع من الأحكام لسبب طارئ اقتضى مشروعيته، كحرمة سب الأنداد والأوثان التي تعبد من دون اللَّه، بسبب ما ينشأ عنها من سب المشركين للَّه سبحانه وتعالى، فحرم اللَّه تعالى سب الأوثان والطواغيت لأنه ذريعة إلى سب اللَّه تعالى، قال تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ} [الأنعام: ١٠٨]، ومثله منع استعمال لفظ "راعنا" لما يلتبس به من طعن وغمز ولمز من اليهود إلى رسول اللَّه، فقال تعالى: {وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ} [النساء: ٤٦]، مع أن الأصل في معنى الكلمة الرعاية، ولكن اليهود والمنافقين كانوا يقصدون منها الرعونة لسب النبي - صلى الله عليه وسلم -، أخزاهم اللَّه ولعنهم (١).

٣ - ما شرع من أحكام ناسخة لأحكام سابقة، ويصبح المنسوخ كأن لم يكن، والحكم الناسخ هو العزيمة، وهو الحكم الأصلي الذي يعتبر أنه شرع ابتداء لجميع المكلفين، مثل قوله تعالى في نسخ الاتجاه إلى بيت المقدس، وتحويل الصلاة إلى الكعبة، قال تعالى: {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٤٤]، ومثل قوله - صلى الله عليه وسلم -:


(١) تفسير ابن كثير: ١ ص ٥٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>