١١ - يرجح الدليل الذي قصد به بيان الحكم المختلف فيه على الآخر؛ لأن الأول يكون أمس بالمقصود، أو أقرب إليه، مثل قوله تعالى:{وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ}[النساء: ٢٣]، وقوله تعالى:{إلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النساء: ٢٤]، فالأولى تحرم الجمع بين الأختين في الوطء بعقد النكاح وبملك اليمين، والثانية أفادت عموم الوطء بملك اليمين، فالأولى قصد بها تحريم الجمع بين الأختين، والثانية لم يقصد بها بيان الجمع (١).
[القسم الثاني: الترجيح بين الأقيسة]
وهي الأدلة المعقولة سواء كانت أقيسة أو استدلالات، ويكون الترجيح من وجوه كثيرة، وتصنف إلى أربعة، وهي الترجيح من جهة الأصل، والترجيح من جهة الفرع، والترجيح بحسب العلة، والترجيح من جهة أمر خارج.
أولًا: الترجيح من جهة الأصل:
المراد من الأصل هو الحكم المنصوص عليه، ويقاس عليه غيره، فإذا وجد قياسان، فينظر إلى الأصل المقيس عليه، فإن وجد فيه ما يرجّحه بكون دليل أصله أقوى، ترجح على القياس الثاني، وذلك أنواع كثيرة، أهمها:
١ - حكم الأصل قطعي: فإنه يرجح على القياس الذي يكون حكم أصله ظنيًّا؛ لأن القطعي لا يتطرق إليه الخلل، فيقدم على الظني، مثل لعان الأخرس، فيقاس على يمينه أو على شهادته، والأرجح قياسه على اليمين التي تصح من الأخرس بالإجماع، وأما شهادته ففيها خلاف بين الفقهاء
(١) الإحكام للآمدي (٤/ ٢٦٤)، البرهان (٢/ ١١٧٨)، جمع الجوامع والبناني (٢/ ٣٧٠)، نهاية السول (٣/ ٢١٢)، تيسير التحرير (٣/ ١٦٦)، أصول السرخسي (٣/ ٢١٢)، المحصول (٥/ ٥٤١)، المستصفى (٢/ ٣٩٦)، فواتح الرحموت (٢/ ٢٠٦)، المسودة ص ٣١١، الروضة ص ٣٩٠، العدة (٣/ ١٠٤٦)، مختصر البعلي ص ١٧١، شرح الكوكب المنير (٤/ ٦٩٥)، البحر المحيط (٦/ ١٧٥)، إرشاد الفحول ص ٢٧٩، المدخل إلى مذهب أحمد ص ١٩٩، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (٢/ ١١٩٩)، منهج التوفيق والترجيح ص ٥٢٨. =