حروف الجر كثيرة، وتسمى حروف الإضافة -كما سبق- لأنها تفضي بمعاني الأفعال إلى الأسماء، وعملها الأساسي الجر؛ لأنها تجر فعلًا إلى اسم، أي: تنسبه له، نحو: مررت بزيد، أو تجر اسمًا إلى اسم، نحو: المال لزيد، ونعرض أهمها تباعًا، وهي: الباء، وعلى، ومن، وإلى، وفي، واللام، وحتى (١).
أولًا: الباء:
الباء للإلصاق، وهو أن يضاف الفعل إلى الاسم، فيلصق به بعدما كان لا يضاف إليه لولا دخولها، فهو تعليق الشيء بالشيء، وإيصاله به.
والإلصاق إما حقيقة، نحو: أمسكتُ الحبلَ بيدي، وإما مجازًا، نحو: مررتُ بزيد، فإن المرور لم يلصق به، وإنما ألصق بمكان يقرب من زيد، ومنه قوله تعالى:{وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}[المائدة: ٦]، فهي هنا على رأي الحنفية أنها للإلصاق، أي ألصقوا أيديكم برؤوسكم.
والأصل أن الباء، للإلصاق، ولا تنفك عنه، وقد تتجرد له حصرًا، وقد يدخلها مع ذلك معنى آخر، فيكون مجازًا.
استعمالات الباء:
تستعمل الباء لمعان عدة -مع الإلصاق-، فمن ذلك:
[١ - التعدية]
وتسمى باء النقل؛ لأنها تنقل وتصيّر الفاعل مفعولًا، نحو قوله تعالى:
(١) قال الزركشي رحمه اللَّه تعالى: "حروف الجر يسميها الكوفيون: الصفات؛ لنيابتها عن الصفات، ويجوّزون دخول بعضها على بعض، أي: إن هذا الحرف بمعنى حرف كذا، ومنع البصريون ذلك، وعدلوا عنه إلى تضمين الفعل معنى فعل آخر إبقاء للفظ الحرف على حقيقته، وكأنهم رأوا التجوز في الفعل أخف من التجوز في الحرف، والكوفيون عكسوا ذلك" البحر المحيط (٢/ ٣٣٤)، وانظر: شرح الكوكب المنير (١/ ٢٥٩).