للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأضدادها (١).

والتقييد تارة يكون في الأمر كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "صُمْ شهرين متتابعين" (٢)، وتارة يكون في الخبر، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل" (٣).

[حكم المقيد]

إذا ورد النص مقيدًا فيجب العمل به مقيدًا، ولا يصح أن يهمل القيد، إلا إذا دلَّ دليل على إلغاء القيد.

ومثال الحكم الأصلي قوله تعالى في كفارة الظهار: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٤]، فقد ورد الأمر بالصوم مقيدًا بتتابع الشهرين، وبكونه قبل العودة إلى التماس والاستمتاع بالزوجة التي ظاهر منها، فيجب العمل على التقيد بهذين القيدين، ولا يجزئ تفريق الصيام، ولا كونه بعد التماس، ومثله تحريم الدم المسفوح في قوله تعالى: {إلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعام: ١٤٥]، فالدم المحرم مقيد بكونه مسفوحًا، أما الدم الجامد كالكبد والطحال فليس بمحرم.

ومثال الاستثناء في إلغاء القيد قوله تعالى في بيان المحرمات في النكاح من النساء: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: ٢٣]، فاشتراط كون الربائب في الحجور أي في رعاية الزوج وتربيته لا يعمل به؛ لأنه ذكر في الآية بناء على العرف الغالب من الأحوال، وهو كون الربيبة (وهي بنت الزوجة) غالبًا مع أمها في بيت الزوج، والنتيجة أن الربيبة محرمة ولو كانت في


(١) فواتح الرحموت (١/ ٣٦٠)، كشف الأسرار (٢/ ٢٨٦)، الإحكام للآمدي (٣/ ٤)، شرح الكوكب المنير (٣/ ٣٩٣)، ابن الحاجب (٢/ ١٥٥)، شرح تنقيح الفصول ص ٢٦٦، إرشاد الفحول ص ١٦٤، روضة الناظر ص ٢٦٠، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (١/ ٢٠٩)، أصول الأحكام ص ٢٩٤.
(٢) هذا جزء من حديث من أفسد صومه بالجماع في رمضان، أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود ومالك وأحمد عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه مرفوعًا.
(٣) هذا الحديث أخرجه البيهقي وابن حبان عن عائشة وابن عباس رضي اللَّه عنهم مرفوعًا، وعن عمر رضي اللَّه عنه موقوفًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>