للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني: يحمل المطلق على المقيد في النصين، ولا تجب زكاة الفطر إلا على من ينفق عليه المتصدق إذا كان من المسلمين، فإن كانت الزوجة أو الخادم غير مُسْلِمَيْن فلا تجب زكاة الفطر، ويكون الإسلام شرطًا فيها؛ لأن الإطلاق والتقييد في شيء واحد، فلا يقبل أن يكون مطلقًا ومقيدًا في آن واحد للتنافي بينهما، ويجعل أحدهما أصلًا ويبنى الآخر عليه، بأن يكون المقيد أصلًا ليكون للقيد فائدة، ويبنى المطلق عليه.

وهذا هو الراجح؛ لأن الخطاب للمسلمين، وأن زكاة الفطر عبادة فلا تجب بسبب غير المسلم، ولأن العقل واللغة يؤيدان ذلك (١).

[الحالة الثانية: الإطلاق والتقييد في نفس الحكم]

وهذه الحالة فيها تفصيل، فإما أن يتحد الحكمان والسببان في النصين، وإما أن يختلف الحكمان ويختلف السببان، وإما أن يتحد الحكمان ويختلف السببان، وإما أن يختلف الحكمان ويتحد السببان، فلها أربع صور (٢)، وهي:

[الصورة الأولى: اتحاد الإطلاق والتقييد في الحكم والسبب]

اتفق العلماء في هذه الصورة على حمل المطلق على المقيد؛ لأن المقيد فيه زيادة مفيدة، ولا تتنافى مع النص المطلق، ومن عمل بالمقيد عمل بالمطلق، ولا عكس، فكان الجمع أولى، ولأنه لا يصح أن يختلف المطلق والمقيد مع اتحاد السبب والحكم.


(١) ومثاله أيضًا إطلاق كلمة الغنم في حديث ابن عمر رضي اللَّه عنه مرفوعًا: "وفي الغنم في أربعين شاةً شاة" رواه أبو داود، ووردت مقيدة في حديث أنس رضي اللَّه عنه مرفوعًا: "وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين ففيها شاة" رواه البخاري وأبو داود والنسائي، والسائمة التي ترعى وتكتفي بالرعي في أكثر العام، فاتحد سبب وجوب زكاة الغنم وهو أربعون شاة، واتحد الحكم وهو وجوب شاة، وحمل الجمهور المطلق على المقيد، واشترطوا في الزكاة السوم، خلافًا للمالكية، فلم يشترطوا ذلك انظر: أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (١/ ٢١١، ٢١٢).
(٢) وفصل بعض العلماء بين الإثبات والنفي، وبين الأمر والنهي، انظر: شرح الكوكب المنير (٣/ ٣٩٦) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>