للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - القياس: إن الواو تفيد الجمع بين شيئين مختلفين دون ترتيب بينهما قياسًا على واو الجمع وألف التثنية في الأسماء المتماثلة دون دلالة على الترتيب، مثل جاء رجلان، أو حضر الرجال، ولا يمكن جمع الرجل والمرأة في كلمة واحدة، فأتى أهل اللغة بالواو للجمع فقط، فنقول: جاء رجل وامرأة، ولا نقصد الترتيب بينهما في المجيء.

[٤ - عدم دخول الواو في جواب الشرط]

فلو أفادت الترتيب لصح دخولها في جواب الشرط كالفاء؛ لأن جواب الشرط يعقب الشرط، وتستعمل فيه الفاء التي تدل على التعقيب، كقولك: إذا نجح الولد فأعطه مكافاة، ولا يصح أن تقول: إذا نجح الولد وأعطه مكافأة.

واستدل الحنفية بذلك على عدم وجوب الترتيب في الوضوء؛ لأنها معطوفة بالواو في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: ٦]، أما الشافعية فاستدلوا على وجوب الترتيب ليس بالواو بل لأن اللَّه تعالى ذكر مسح الرأس بين غسل اليدين والرجلين، مما يدل على ترتيب الغسل فالمسح فالغسل، فأدخل ممسوحًا بين مغسولين، ولم يستدلوا بأن الواو للترتيب، فإنها لا تفيده بمجردها (١).

آراء أخرى في حكم الواو:

١ - قال الشافعي رحمه اللَّه تعالى: إن الواو للترتيب، وهو قول أبي حنيفة، لقوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: ١٥٨]، والواجب البدء في السعي بالصفا؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - لمن سأله من الصحابة: "بِمَ نَبْدَأ؟ " فقال: "ابدَاؤُوا بما بَدَأ اللَّه به" (٢) فكان جواب الرسول - صلى الله عليه وسلم - مبينًا أن الواو للترتيب، وردَّ الجمهور ذلك بأن الصحابة رضوان اللَّه عليهم من أهل اللغة، فلو كانت الواو للترتيب لما سألوا عن ذلك، والترتيب ثبت بالحديث، وليس من الآية.


(١) المراجع السابقة.
(٢) هذا الحديث أخرجه مسلم والنسائي وأحمد عن جابر رضي اللَّه عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>