للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أنواع التأويل]

ينقسم التأويل باعتبار قربه للفهم وبعده عنه، وبحسب نظرة العلماء له إلى نوعين:

[١ - التأويل القريب إلى الفهم]

وهو ما يكفي في إثباته لأدنى دليل، كالمثال السابق في تأويل {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: ٦] من المعنى الظاهر للقيام إلى معنى قريب منه، وهو العزم على أداء الصلاة وإرادة الدخول فيها.

ومثل تأويل الشافعي رحمه اللَّه تعالى قول اللَّه عزَّ وجلَّ: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: ٣١]، فقال: "إلا وجْهَها وكفيها" فتأول الشافعي "ما ظهر منها" بالوجه والكفين، ورجَّح تأويله بحديث عائشة رضي اللَّه عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأسماء بنت أبي بكر: "يا أسماءُ! إنَّ المرأةَ إذا بلغتِ المحيضَ، لم يَصْلُح أن يُرى منها إلا هذا وهذا، وأشار إلى كفِّهِ ووجهِهِ" (١)، وهو ما ذهب إليه جمهور العلماء (٢).

[٢ - التأويل البعيد عن الفهم]

هذا مجال لاختلاف العلماء، فبعضهم يعتبره قريبًا، وأكثرهم يعتبره بعيدًا، مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - لغيلان الثقفي، وقد أسلم وعنده عشر نسوة: "أخْتر" وفي لفظ: "أمْسِك منْهن ارْبعًا وفَارِق سائرَهن" (٣)، وقوله - صلى الله عليه وسلم - لفيروز الدَّيْلمي، وقد أسلم وعنده. زوجتان أختان: "اخْتَر" وفي لفظ: "أَمْسِك أيتَهما شئتَ، وفارق الأخرى" (٤)، والحديثان ظاهران في استدامة الزواج السابق، أو استصحابه، لكن الحنفية أوّلوا الأمر بالإمساك على ابتداء نكاح إن كان الزواج في عقد واحد، واستبقاء الأولى منهن إن كان الزواج في أكثر من


(١) هذا الحديث أخرجه أبو داود، وقال: هذا مرسل (٢/ ٣٨٢).
(٢) تفسير النصوص (١/ ٣٨٩)، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (١/ ٣١٦).
(٣) هذا الحديث أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه والدارقطني والحاكم والبيهقي.
(٤) هذا الحديث أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه والدارقطني والبيهقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>