للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الركن الثاني: المستفتي]

قال الزركشي رحمه اللَّه تعالى: "المستفتي: من ليس بفقيه"، أي: كل شخص لا يعرف حكمًا شرعيًّا في مسألة أو قضية فأكثر، ويسأل غيره عن حكمها، ثم قال الزركشي: "ثم إن قلنا بتجزؤ الاجتهاد، فقد يكون الشخص مفتيًا بالنسبة إلى أمر، مستفتيًا بالنسبة إلى الآخر، وإن قلنا بالمنع، فالمفتي: من كان عالمًا بجميع الأحكام الشرعية بالقوة القريبة من الفعل، والمستفتي من لا يعرف جميعها" (١).

وقال الشوكاني رحمه اللَّه تعالى: "المستفتي من ليس بمجتهد، أو ليس بفقيه" (٢)، فالمستفتي كل من يسأل عن حكم شرعي في مسألة أو قضية ليعرفه، وبالتالي ليعمل به.

ويشترط في المستفتي أن يكون صادقًا في سؤاله، بأن يعرضه بحسب الواقعة التي وقعت تمامًا، ولا يتزيد، أو يحرف، أو يعطي صورة أخرى؛ ليتهرب من الأحكام؛ لأن جواب المفتي وفتواه تكون حصرًا حسب الصورة التي عُرضت عليه، وعلى مسؤولية المستفتي ونيَّته، ولذلك وضع العلماء القاعدة الفقهية: "السؤال معافى في الجواب" وقالوا: "الفتوى على قدر المستفتي" فإن غيَّر وبدَّل كان كاذبًا أولًا، ومسؤولًا عن الفتوى والحكم ثانيًا، ولا ينجيه من المسؤولية أن المفتي أعطاه الحكم؛ لأن المفتي يبيّن الحكم حسب الصورة التي عُرضت عليه، وبحسب الظاهر، ولا يعلم الغيب، والله يتولى السرائر.

وإذا علم المستفتي بالحكم، وكان المفتي قد أفتاه بقول مجمع عليه، فيجب على المستفتي الالتزام به، ولا يخير في قبوله أو رفضه، وإن كان الحكم مختلفًا فيه خُيّر المستفتي بين أن يقبل حكم المفتي، أو حكم غيره (٣).

وإن غلب على ظن المستفتي أن جواب المفتي مشكوك فيه، أو مخالف


= المحيط (٦/ ٣١٧)، شرح الكوكب المنير (٤/ ٥٦٠، ٥٨٩).
(١) البحر المحيط (٦/ ٣٠٦)، وانظر: المجموع (١/ ٨٩)، إرشاد الفحول ص ٢٧١.
(٢) إرشاد الفحول ص ٢٦٥.
(٣) البحر المحيط (٦/ ٣١٦)، المجموع (١/ ٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>