للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولًا: المندوب خادم الواجب:

قال الشاطبي: المندوب إذا اعتبرته اعتبارًا أعم من الاعتبار المتقدم وجدته خادمًا للواجب، لأنه إما مقدمة له أو تكميل له، أو تذكار به، سواء كان من جنس الواجب أو لا، فالذي من جنسه كنوافل الصلوات مع فرائضها، ونوافل الصيام والصدقة والحج، والذي من غير جنسه كطهارة الخبث في الجسد والثوب والمصلى (١)، والسواك وأخذ الزينة وغير ذلك مع الصلاة، وكتعجيل الإفطار وتأخير السحور وكف اللسان عما لا يعني مع الصيام، فإن كان ذلك فهو لاحق بقسم الواجب بالكل، وقلما يشذ عنه مندوب يكون مندوبًا بالكل والجزء (٢).

وهذا كلام حق، يُذكِّر بأساس مشروعية المندوب والسنن، وأنها خادمة للواجب، وأن السنة تجبر النقص الذي يقع في الواجبات كالخشوع في الصلاة والتدبر في القراءة فيها، والشرود عند الوقوف بين يدي اللَّه، وما تقع عليه العين في الصوم، وما ينطق به اللسان في نهار رمضان، وغير ذلك، بالإضافة إلى زيادة الأجر والثواب في المندوب، وأنه يذكر بالواجبات للاستعداد لها نفسيًّا وروحيًّا.

ثانيًا: المندوب واجب بالكل:

قال الشاطبي: إذا كان الفعل مندوبًا بالجزء كان واجبًا بالكل، كالأذان في المساجد والجوامع أو غيرها، وصلاة الجماعة وصلاة العيدين وصدقة التطوع والنكاح والوتر والفجر والعمرة وسائر النوافل الرواتب، فإنها مندوب إليها بالجزء، ولو فرض تركها جملة لجرح


(١) هذه الأحكام على مذهب الإمام مالك الذي يجعل الطهارة في الصلاة مندوبًا وسنة، وقال الأئمة الثلاثة: ومالك في قول ثان: إنها شرط صحة الصلاة.
(٢) الموافقات، له: ١ ص ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>