للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه، حتى كرر العلماء عبارتهم: "ما من عام إلا وقد خصص" فلا يخلو منه إلا القليل بقرينة مثل قوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرحمن: ٢٦]، وهذا يورث الشبهة والاحتمال في دلالته، فتكون ظنية.

وأضافوا أنه يجوز إخراج بعض أفراد العام بالاستثناء ونحوه، فلو كان دلالته قطعية لم يصح ذلك، بخلاف النص الخاص على فرد، فلا يصح استثناؤه؛ لأنه نصّ عليه، فكانت دلالة الخاص قطعية، وهو كاف للتفريق بين دلالة العام الظنية، ودلالة الخاص القطعية، ولهذا يُؤكد العام بكل وأجمعين لدفع احتمال التخصيص، فالاحتمال وارد في العام فكان ظنيًّا واحتاج إلى تأكيد.

القول الثاني: وهو قول الحنفية والمعتزلة، ومنقول عن الشافعي، فقالوا: إن دلالة العام قطعية إذا لم يخص، فإذا خص منه البعض صارت دلالته على ما بقي بعد التخصيص ظنية.

واستدلوا على ذلك أن اللفظ العام موضوع لغة للعموم، فكان العموم ملازمًا له عند إطلاقه، حتى يقوم الدليل على خلافه، كالخاص يثبت مسماه قطعًا حتى يقوم على غيره، فالاحتمال على التخصيص لا ينافي القطعية، ولذلك فهم الصحابة رضوان اللَّه عليهم العموم من الألفاظ القرآنية، كما سبق في الفقرة السابقة، فتكون الدلالة قطعية (١).

[أثر الاختلاف في دلالة العام]

ترتب على الاختلاف السابق بين العلماء الاختلاف في مسألتين أصوليتين، وهما:


(١) أصول السرخسي (١/ ١٣٢)، كشف الأسرار (١/ ٩١)، فواتح الرحموت (١/ ٢٦٥)، نهاية السول (٢/ ٨٢)، العطار والمحلي على جمع الجوامع (١/ ٤٠٧)، المسودة ص ١٠٩، مختصر البعلي ص ١٠٦، شرح الكوكب المنير (٣/ ١١٤)، علم أصول الفقه ص ١٨٣، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (١/ ٢٤٩)، أصول الأحكام ص ٢٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>