للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهَذَا} [يونس: ٦٨].

ويتفرع على استعمال "إن" للشرط والتعليق أن الرجل إن قال لامرأته: إن لم أطلقك فأنت طالق، فلا تطلق إلا في آخر حياة الزوج أو حياتها هي؛ لأن عدم الطلاق، وهو الشرط الذي علق عليه الطلاق، لا يتحقق إلا قبيل الوفاة، حيث يتحقق عجزه عن إيقاع الطلاق عليها، فيتحقق شرطه، وإذا كان مدخولًا بها فيعتبر طلاقه فِرارًا، فلها الميراث عند الجمهور، خلافا للشافعية الذين لا يقولون بطلاق الفِرار (١).

ثانيًا: إذا:

إذا ظرف لما يستقبل غالبًا من الزمن، وتضاف إلى جملة فعلية في معنى الاستقبال، متضمنة لمعنى الشرط غالبًا، نحو: إذا جاء زيد فقم إليه، ولكن لا يثبت لها سائر أحكام الشرط، فلا يجزم بها المضارع.

ولا تكون إلا في المحقق، نحو قوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إلا إِيَّاهُ}، [الإسراء: ٦٧]، فإن مس الضر في البحر محقق (٢)، وبذلك تشترك "إذا" مع "إن" في عدم الدخول على المستحيل، ولكن تنفرد "إن" بالمشكوك فيه والموهوم، وتنفرد "إذا" بالمجزوم به، مع اختلاف بين العلماء في دخولها على المظنون.

وإن "إذا" تدخل في أمر مقطوع فيه، فإما أن يكون متحققًا في الحال، كقول الشاعر:

وإذا تكونُ كريهةٌ ادْعَى لها ... وإذا يُحاسُ الحَيْسُ يُدْعى جُندبُ (٣)

وإما أن تدخل في أمر منتظر مقطوع بتحققه في المستقبل، نحو قوله تعالى: {إِذَا


(١) البحر المحيط (٢/ ٢٧٨١)، فواتح الرحموت (١/ ٢٤٨)، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (١/ ٤١٠).
(٢) لما لم يكن الضرر محققًا في غير البحر استعمل القرآن الكريم "إن" التي تستعمل في المشكوك فيه، نحو قوله تعالى: {وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ}، [فصلت: ٤٩].
(٣) الحيس: تمر يخلط بالسمن، وحاس الحيسَ: اتخذه.

<<  <  ج: ص:  >  >>