٣ - الإجماع: ثبت عن الصحابة وأهل اللغة الاحتجاج بالعمومات، وإجراء ألفاظ القرآن والسنة على عمومها حتى يقوم دليل التخصيص، وشاع ذلك من غير نكير، فكان إجماعًا، كقوله تعالى:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}[النور: ٢]، تشمل كل الزناة، وقوله تعالى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}[البقرة: ٢٣٤]، يشمل كل متوفًّى عنها زوجها.
٤ - المعقول: إن العموم هو المتبادر إلى الذهن من صيغته، والتبادر دليل الوضع الحقيقي، وهو ما يعقله الناس، وتمس الحاجة إلى التعبير عنه، والعمل به (١).
[دلالة العام]
اختلف العلماء في صفة دلالة العام الذي لم يخصص على استغراقه لجميع أفراده هل هي قطعية أم ظنية؟ اختلفوا على قولين:
القول الأول: وهو قول الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة، فقالوا: إن دلالة العام على جميع أفراده ظنيّةٌ على استغراقه لجميع أفراده، وإذا خصص كان ظني الدلالة أيضًا على ما بقي من أفراده بعد التخصيص، فهو ظني الدلالة قبل التخصيص وبعده.
واحتجوا على ذلك بأن كل عام يحتمل التخصيص، مع شيوع التخصيص
(١) أصول السرخسي (١/ ١٣٢)، فواتح الرحموت (١/ ١٦٠)، تيسير التحرير (١/ ١٩٥، ٢٢٩)، المستصفى (٢/ ٢٤، ٢٦)، نهاية السول (٢/ ٨٢)، الإحكام للآمدي (٢/ ٢٠٠)، المعتمد (١/ ٢٠٩)، الرسالة للشافعي ص ٥١، ٥٣، الإحكام لابن حزم (١/ ٣٣٨)، العضد على ابن الحاجب (٢/ ١٠٢)، المسودة ص ٨٩، ١٠٠، شرح الكوكب المنير (٣/ ١٠٨)، مختصر البعلي ص ١٠٦، إرشاد الفحول ص ١١٥، علم أصول الفقه ص ١٨٣، تفسير النصوص (٢/ ١٩)، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (١/ ٢٤٨).