للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قديمًا وحديثًا في القوانين التي تخلت عن شرع اللَّه وحكمه، وتركت الأحكام الإلهية، ووضعت لنفسها أحكامًا تعتمد على العقل، وتستند على المصالح والمفاسد، وتتنكب صراط اللَّه المستقيم، وطريقه القويم، نسأل اللَّه تعالى أن يردنا إلى ديننا ردًّا جميلًا، وأن يهدي المسلمين للعمل بشريعته، إنه نعم المولى ونعم النصير.

ثالثًا: مذهب الماتريدية (١):

وهذا مذهب وسط بين المذهبين السابقين، ويرى -كالمعتزلة- أن أفعال المكلفين فيها خواص ولها آثار تقتضي حسنها أو قبحها، فالأشياء لها حسن ذاتي وقبح ذاتي، وأن العقل بناء على هذه الآثار والخواص يحكم بأن هذا الفعل حسن، وأن هذا الفعل قبيح، وما رآه العقل السليم حسنًا فهو حسن، وما رآه العقل السليم قبيحًا فهو قبيح، وأن اللَّه تعالى لا يأمر بما هو قبيح في ذاته، ولا ينهى عما هو حسن لذاته (٢).

ومبدأ الماتريدية أن الحسن والقبح عقليان لا شرعيان، لأن أمهات الفضائل يدرك العقل حسنها، لما فيها من نفع، وأمهات الرذائل يدرك العقل قبحها، لما فيها من ضرر، ولو لم يرد بها شرع، واستدلوا أيضًا أن الحسن والقبح لو كانا شرعيين، ولا يعرفان إلا بالشرع لكانت الصلاة والزنا مثلًا متساويين قبل بعثة الرسل، فجعل أحدهما واجبًا والآخر حرامًا ليس أولى من العكس (٣).


(١) الماتريدية: أتباع أبي منصور الماتريدي، المتوفى سنة ٣٣٣ هـ، وأكثرهم من الحنفية، وهو رأي بعض الحنابلة كأبي الخطاب وابن تيمية وابن القيم، (انظر: شرح الكوكب المنير: ١ ص ٣٠٣، ٣٠٤).
(٢) فواتح الرحموت: ١ ص ٢٦، ٢٩، ٣٠، تيسير التحرير: ٢ ص ١٥٢، أصول الفقه، أبو زهرة: ص ٦٩.
(٣) فواتح الرحموت: ١ ص ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>