للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضي اللَّه عنهم في مناظرة ومجادلة الخوارج بالمعقول.

[٣ - الإجماع]

اجتهد الصحابة رضي اللَّه عنهم في القضايا التي لا يوجد فيها نص، وأبدى المجتهدون منهم رأيهم في ذلك، وأجمعوا على إطلاق لفظ الخطأ في الاجتهاد الذي صدر منهم مما يدل على أن الحق واحد، فمن أصابه فهو مصيب، ومن أخطأه فهو مخطئ، والأمثلة من تاريخ الصحابة كثيرة، منها:

قال أبو بكر رضي اللَّه عنه عندما سئل عن الكَلالة، وهم الذين لا والد لهم ولا ولد، قال: "أقول فيها برأيي، فإنْ يكنْ صوابًا فمن اللَّه، وإنْ كان خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسولهُ منه بريئان".

وقال عمر رضي اللَّه عنه لكاتبه: "اكتب: هذا ما رأى عمر، فإن يكن خطأ فمنه، وإن يكن صوابًا فمن اللَّه"، وقال للمرأة التي اعترضت عليه في تحديد المهر: "أصابت امرأة، وأخطأ عمر".

وقال علي رضي اللَّه عنه في المرأة التي استدعاها عمر، فأجهضت ما في بطنها، وردّ على عثمان وعبد الرحمن بن عوف القائلين لعمر: "إنما أنت مؤدب، لا نرى عليك شيئًا"، فقال علي: "إن كانا قد اجتهدا فقد أخطأ، وإن لم يجتهدا فقد غشاك، أرى عليك الدِّية".

وقال ابن مسعود في المفوِّضة التي مات عنها زوجها قبل الدخول، وليس لها صداق مفروض، قال: أقول فيها برأي، فإن كان صوابًا فمن اللَّه ورسولهِ، وإنْ كان خطأ فمني ومن الشيطان، إنَّها تستحقُّ مهرَ المثل في تركة المتوفى".

وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما في إنكار العَوْل في الفرائض: "من شاء باهلته، إن الذي أحصى رمل عالج عددًا، لم يجعل في مال واحد نصفًا ونصفًا وثلثًا، هذان نصفان ذهبا بالمال، فأين موضوع الثلث؟ " والمباهلة: الملاعنة على عادة العرب، وذكرها القرآن الكريم (١).


= عن بريدة رضي اللَّه عنه، في باب الدعوة قبل القتال (نيل الأوطار ٧/ ٢٤٣).
(١) نصب الراية (٤/ ٦٤)، تفسير ابن كثير (١/ ٤٦٧)، المستدرك (٤/ ٣٤٠)، السنن =

<<  <  ج: ص:  >  >>