للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وينحصر التخصيص عند الحنفية في ثلاثة أنواع، وهي: العقل، والعرف والعادة، والنص المستقل المقترن بالعام، وتقدم بيانها وأمثلتها، وأما التخصيص بالحس عند الجمهور فهو عند الحنفية ملحق بالكلام المستقل المتصل.

ويلحق عند الحنفية بالكلام المستقل المتصل، والذي هو قصر للعام، لا التخصيص له، أمران:

الأول: نقص المعنى عن بعض الأفراد، كان يقول شخص: كل مملوك لي حر، فإنه لا يدخل فيه العبد المكاتب؛ لنقصان الملك فيه؛ لأنه مملوك بالرقبة دون اليد، فله التكسب بمفرده، وهو أحق بكسبه.

والثاني: زيادة المعنى في بعض الأفراد، كان يحلف شخص: ألا ياكل فاكهة، ولم ينو فاكهة معينة، فإنه لا يحنث بأكل العنب والرطب والرمان عند أبي حنيفة؛ لما في هذه الأنواع من التغذي، وهو معنى زائد على التفكه، أي: التلذذ والتنعم (١).

[حكم العام بعد التخصيص]

اتفق الحنفية والجمهور على أن العام المخصَّص ظني الدلالة على ما بقي، ولذلك يجوز تخصيصه ثانية بظني باتفاق.

وذهب جمهور العلماء إلى أن العام بعد تخصيصه حقيقة فيما بقي مطلقًا؛ لأن اللفظ كان متناولًا للجميع حقيقة، فيبقى التناول على البعض كذلك، ولا يضره إخراج بعض منه، ولأن تناول العام المخصص للباقي يسبق إلى الفهم من غير قرينة، وهذا دليل الحقيقة، وذهب بعض العلماء إلى أن العام إذا خصّ صار مجازًا في الباقي؛ لأن العام موضوع للجميع، فإن أريد به البعض، فذلك غير ما وضع له، فيكون مجازًا (٢).


(١) فواتح الرحموت (١/ ٣١٦، ٣٤٦)، التلويح على التوضيح (٢/ ٣١)، كشف الأسرار (١/ ٣٠٦)، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (١/ ٢٦٣)، أصول الأحكام ص ٢٨٧.
(٢) كشف الأسرار (١/ ٣٠٤)، فواتح الرحموت (١/ ٣١١)، أصول السرخي (١/ ١٤٤)، الفصول في الأصول (١/ ٢٤٥)، المستصفى (٢/ ٥٤)، الإحكام للآمدي (٢/ ٢٢٧)، =

<<  <  ج: ص:  >  >>