لا يشترط في الناسخ، أي: دليل النسخ، أن يكون متأخرًا عن المنسوخ في التلاوة؛ لأن العبرة بالنزول، لا بالترتيب في الوضع؛ لأن النزول بحسب الحكم، والترتيب للتلاوة، وذلك كالآية التي دلت على عدة المرأة المتوفى عنها زوجها بالبقاء بالبيت سنة {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٤٠)} [البقرة: ٢٤٠]، فإنها متأخرة في التلاوة عن الآية التي حددت عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرًا {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٣٤)} [البقرة: ٢٣٤]، وكتابة الأولى في المصحف جاءت على خلاف ما وقع في النزول، والأمثلة الأخرى عزيزة (١).
[٢ - البدل]
لا يشترط في نسخ الحكم الشرعي أن يخلفه بدل؛ لأن اللَّه تعالى يفعل ما يشاء، وقد تكون المصلحة في نسخ الحكم بدون بدله، وهو ما وقع فعلًا في الشرع، كنسخ تقديم الصدقة بين يدي مناجاة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ونسخ ادخار لحوم الأضاحي، ونسخ تحريم المباشرة في ليالي رمضان بقوله سبحانه:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ}[البقرة: ١٨٧]، وكذلك نسخ وجوب الإمساك عن الطعام
(١) المستصفى (١/ ١٢٨)، الإحكام للآمدي (٣/ ١٨١)، المحلي والبناني على جمع الجوامع (٢/ ٩٤)، العضد على ابن الحاجب (٢/ ١٩٦)، فواتح الرحموت (٢/ ٩٦)، الإحكام لابن حزم (٤/ ٤٦٥)، شرح الكوكب المنير (٣/ ٥٦٨)، البحر المحيط (٤/ ١٠٨، ١٦٠).