للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالقصاص وعقوبات الدماء كلها، سواء كانت قصاصًا أم ديات، فإن فيها حق اللَّه تعالى، في صيانة الدماء وحفظ المجتمع، وفيها حق العبد لأن القصاص يحقق مصلحة أولياء القتيل، ويمنع الانتقام والحقد من قلوبهم، فكان حق العبد غالبًا (١).

[نظرة الشاطبي لتقسيم الحقوق]

ونختم الكلام عن المحكوم فيه بذكر رأي الشاطبي في أقسام المحكوم فيه، فيرى أن كل حكم شرعي يجمع بين حق اللَّه وهو جهة التعبد، وحق العبد وهو جهة المصلحة المالية أو المنفعة الشخصية، ويرى أنه لا يوجد حق خالص للَّه تعالى، كما لا يوجد حق خالص للعبد، وكل حق يبدو أنه خالص للَّه تعالى فإنه يحقق منافع ظاهرة وملموسة للعبد من ناحية المصلحة له في الدنيا، والثواب والأجر والدرجات العليا في الآخرة، وكل حكم يبدو عليه أنه حق خالص للعبد، فإن اللَّه تعالى له حق فيه، بأن تطبق أحكام اللَّه تعالى فيه وتنفذ شريعته، ويلتزم المرء فيه حدود اللَّه تعالى، ويرتع في حظيرته، ولأن حق العبد إنما يثبت كونه حقًّا له بإثبات الشرع ذلك له، وليس بكونه مستحقًا لذلك بحكم الأصل (٢).


(١) الوسيط في أصول الفقه الإسلامي: ص ١٦٣، التلويح والتوضيح: ٣ ص ١٨٣، أصول السرخسي: ٢ ص ٢٩٧.
(٢) الموافقات: ٢ ص ٢٧٧، وانظر: مباحث الحكم: ص ٢٠٦، وقد سبق القرافي إلى تقرير ذلك، الفروق: ١/ ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>