للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فوائد: صلة الترجيح بالتعارض]

يظهر من التعريفات السابقة الأمور التالية:

١ - لا يكون الترجيح إلا مع وجود التعارض، فإن انتفى التعارض، انتفى الترجيح؛ لأنه فرعه، ولذلك يقع الترجيح مرتبًا على وجود التعارض، ويتأخر عنه في البحث.

٢ - لا يوجد تعارض بالحقيقة في حجج الشرع، ولهذا يتأخر باب التعارض والترجيح إلى آخر الأبواب؛ لأنه احتياطي.

٣ - قال أبو بكر الخلال رحمه اللَّه تعالى، وهو من أئمة الحنابلة المتقدمين: "لا يجوز أن يوجد في الشرع خبران متعارضان، ليس مع أحدهما ترجيح يُقدم به، فأحدُ المتعارضين باطل، إما لكذب الناقل، أو خطئه بوجه ما من النقليات، أو خطأ في النظريات، أو لبطلان حكمه بالنسخ" (١). ولكن هذا الكلام ليس على إطلاقه؛ لأنه يوجد تعارض كثير وصحيح ظاهرًا في الشرع، ويمكن الجمع بينها، كما سبق، وهذا ما أكده إمام الأئمة أبو بكر بن خزيمة رحمه اللَّه تعالى فقال: "لا أعرف حديثين صحيحين متضادين، فمن كان عنده شيء منه فليأتني به لأؤلف بينهما" وكان من أحسن الناس كلامًا في ذلك (٢)، ولذلك صنف العلماء كتب مختلف الحديث، للجمع بينها.

[الوصف الشرعي للترجيح]

إن الترجيح واجب على المجتهد؛ لأنه مطلوب منه بيان الأحكام من أدلتها، فإذا تعارض عليه دليلان، فيجب البحث عن الراجح منهما؛ لأن التعارض في الأدلة الشرعية ظاهري، وبحسب ما يتبادر إلى الذهن، وبحسب


(١) شرح الكوكب المنير (٤/ ٦١٧)، وانظر: مختصر الطوفي ص ١٨٧، المسودة ص ٣٠٦، الروضة ص ٣٨٧، الموافقات (٤/ ٢٠١)، نهاية السول (٣/ ١٨٩)، فواتح الرحموت (٢/ ١٨٩)، المعتمد (٢/ ٨٤٥)، الإحكام لابن حزم (١/ ١٥١)، المدخل إلى مذهب أحمد ص ١٩٧.
(٢) شرح الكوكب المنير (٤/ ٦١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>