للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختلاف الأجناس والأقوام واللغات، وأكثر الناس في أفريقيا وأمريكا وأوربا وأهل الهند والباكستان والصين وأندونيسيا وإيران وتركيا ... لا يعرفون اللغة ولا يفهمون أدلة التكليف الشرعية، فكيف نعتبرهم مخاطبين بالتكاليف؟

إن غير العرب لا يصح تكليفهم شرعًا إلا بعد تعلمهم اللغة العربية، أو بعد ترجمة أدلة التكليف إلى لغاتهم (١)، أو بعد قيام طائفة من العرب المسلمين بتعلم اللغات الأخرى، ونشر أحكام الشريعة وأدلتها بين أصحاب اللغات، أو أن يرسل كل قوم طائفة منهم يتعلمون أحكام الشريعة وينذرون قومهم بها، وقد تمت هذه الوسائل كلها في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فطلب من زيد بن ثابت أن يتعلم اللغة العبرية، وأرسل الرسل إلى الحكام والملوك في دولة الروم والفرس والحبشة، وأعلن أن يبلغ الشاهد الغائب (٢)، وقال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: ١٠٤]، وقال تعالى {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (١٢٢)} [التوبة: ١٢٢].

ثانيًا: أن يكون المكلف أهلًا لما كلف به (٣):


(١) اتفق جمهور العلماء قديمًا وحديثًا على استحالة ترجمة القرآن الكريم المنزل من اللَّه تعالى، المعجز بلفظه ومعناه، وذهبوا إلى إمكان وجواز ترجمة معاني القرآن الكريم وتفسيره، وحصل جدل وخلاف في هذا الموضوع قديمًا، ثم عاد أدراجه في مطلع القرن العشرين لاتصال الغرب بالمسلمين، وانظر: تفسير القرطبي: ١٦/ ٩٣.
(٢) أصول الفقه، خلاف: ص ١٥٥، مباحث الحكم: ص ٢٢٥، أصول الفقه، الخضري: ص ٩٨، الوسيط في أصول الفقه الإسلامي: ص ١٦٩ وما بعدها، الموافقات: ٢ ص ٤٥، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ابن عبد البر: ٢ ص ٥٣٨.
(٣) التوضيح على النتقيح: ٣ ص ١٤٢، فواتح الرحموت: ١ ص ١٥٦، أصول السرخسي: ٢ ص ٣٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>