للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولًا: المشقة المعتادة:

وهي المشقة التي جرت عادة الناس على احتمالها والاستمرار عليها، وتدخل في حدود طاقة المكلف.

وهذا النوع مشروع وموجود في التكاليف الشرعية، واشتراط الإمكان والقدرة في التكليف لا يستلزم انتفاء المشقة على المكلف، وأن نفس التكليف فيه زيادة على ما جرت به العادات قبل التكليف، وأنه لا منافاة بين كون الفعل مقدورًا وكونه شاقًّا، وأن التكاليف الشرعية لا تخلو من مشقة، لأن التكليف نفسه هو الإلزام بما فيه كلفة ومشقة، وكل تكليف فيه مشقة محتملة، لترويض النفس على المباحات وإبعادها عن المحرمات، وذلك فيه مشقة، قال - صلى الله عليه وسلم -: "حُفَّتِ الجنةُ بالمكاره، وحُفَّتِ النار بالشهوات" (١)، فالوضوء والصلاة والحج فيها مشقات على المكلف، ولكنه يتحملها ولا يلحقه ضرر إذا داوم عليها (٢).

وهذه المشقة الموجودة في التكاليف ليست مقصودة من الشارع، وإنما القصد منها تحقيق المصالح المترتبة عليها، ودرء المفاسد المتوقعة منها، للحفاظ على مقاصد الشريعة الضرورية والحاجية والتحسينية (٣)، فيلزم المكلف أن يتحمل هذه المشقة لتحقيق هذه المصالح، كما يتحمل المريض الدواء المر من أجل الشفاء، فالمقصود


(١) رواه مسلم والترمذي وأحمد.
(٢) الموافقات: ٢ ص ٨٥، ٨٧، مباحث الحكم: ص ١٩٥، أصول الفقه، شعبان: ص ٢٦٥، أصول الفقه، خلاف: ص ١٥١، الوسيط في أصول الفقه الإسلامي: ص ١٤٧، شرح الكوكب المنير: ١ ص ٤٨٣، قواعد الأحكام: ٢/ ٩، الأشباه للسيوطي: ص ٨٠.
(٣) الموافقات: ٢ ص ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>