للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمثلة ذلك كثيرة، منها:

[١ - نسخ الشرائع السابقة]

إن شرائع الأنبياء السابقين جاءت لتحقيق مصالح الناس بحسب زمانهم وأحوالهم، ولمّا تطور الزمان، ونضجت البشرية، وسهل الاتصال بين الأقوام والأمم، وجاءت الدعوة الواحدة لمختلف الشعوب والقبائل، فاقتضى الحال أن تكون الشريعة الخاتمة عامة وشاملة وخالدة، ولذلك اتفق العلماء على أن شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - نسخت الشرائع السابقة، ولذلك كانت الآيات تنزل لمخاطبة الناس بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} ثم تقرر ذلك بشكل قطعي وجازم في قوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}، [آل عمران: ١٩]، وقوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}، [آل عمران: ٨٥]، والأدلة على ذلك كثيرة، أما الجزئيات والفروع الثابتة في الشرائع السابقة فقد اختلف العلماء في نسخها بشريعتنا، أو عدم نسخها (١)، وسبق بيان ذلك في مصدر شرع من قبلنا.

[٢ - زيارة القبور]

سبق بيان حديث بُرَيْدة رضي اللَّه عنه، وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - منع الناس من زيارة القبور لقرب عهدهم بالجاهلية، وعبادة الأصنام، وتقديس الآباء، واتخاذ الأجداد أصنامًا، فخشي على ضعاف الإيمان أن يتسرب شيء من ذلك إلى نفوسهم، فحرم الزيارة، ولما قوي الإيمان، واستقر في النفوس، وزالت الوثنية، وهدمت الأصنام، نسخ التحريم، وأعلن الجواز، فقال عليه الصلاة والسلام: "كنتُ نهيْتُكم عن زيارةِ القُبُورِ فزُورُوها، فإنَّها تذكركم الآخرة" (٢).

٣ - ادّخار لحوم الأضاحي:

نزل على المسلمين وفود وضيوف إلى المدينة في عيد الأضحى،


(١) انظر: الفصول (٣/ ١٩) وما بعدها.
(٢) هذا الحديث سبق بيانه ص ١٦٩ هـ ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>