للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا نقل الصحابي رواية بتقدم أحد الحكمين وتأخر الآخر، فيكون المتأخر ناسخًا للمتقدم؛ لأنه لا مدخل للاجتهاد في ذلك، كما لو روى صحابي أن أحد الحكمين شرع بمكة، والآخر بالمدينة، أو أن أحدهما في غزوة بدر، والثاني في عام الفتح، أو قال: نزلت آية كذا بعد آية كذا، أو قال: كان آخر الأمرين من رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - كذا، كقول جابر رضي اللَّه عنه قال: "كان آخر الأمرين من رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - ترك الوضوء مما مسَّت النار" (١)، وكقول أبيّ بن كعب رضي اللَّه عنه: "كان الماء من الماء رخصة في أول الإسلام، ثم أمر بالغسل" (٢)، فالمتأخر ينسخ المتقدم.

٥ - كون أحد الحكمين شرعيًّا، والآخر حسب العادات السابقة، فيكون الحكم الشرعي ناسخًا للعادة.

والخلاصة أن معرفة الناسخ تكون إما بلفظ النسخ أو ما في معناه، أو بالتاريخ المتأخر لما يعارضه (٣).

[مسائل في النسخ]

ورد في مباحث النسخ عدة مسائل يذكرها العلماء، ويتوسعون بها، وهي


= (٢/ ٢٨٨، ٢٩٨).
(١) هذا الحديث رواه أصحاب السنن الأربعة وابن حبان (نيل الأوطار ١/ ٢٣٧).
(٢) هذا الحديث رواه أحمد وأبو داود (نيل الأوطار ١/ ٢٦١).
(٣) لا يعتبر من طرق النسخ قول الصحابي: كان الحكم كذا ثم نسخ (عند الشافعية)، ولا بتقدم الحكم في التلاوة في المصحف، ولا بكون الراوي من أحداث الصحابة، أو كونه أسلم متأخرًا، ولا بتقدم الصحبة أو تأخرها، ولا بكون النص متفقًا مع البراءة الأصلية لاحتمال أنه نسخ بعد ذلك. انظر: الفصول (٢/ ٢٧٣ - ٢٩٢)، البحر المحيط (٤/ ١٥٢ - ١٦٠)، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (٢/ ٩٩٥)، إرشاد الفحول ص ١٩٧ (٢/ ٥٧٢ ط محققة) شرح الكوكب المنير (٣/ ٥٦٣)، العضد (٢/ ١٩٦)، الأحكام، للآمدي (٣/ ١٨١)، فواتح الرحموت (٢/ ٩٥)، المستصفى (١/ ١٢٨)، العدة (٣/ ٨٢٩)، الإحكام لابن حزم (٤/ ٤٥٩)، روضة الناظر ص ٨٨، المعتمد (١/ ٤٤٩)، المدخل إلى مذهب أحمد ص ١٠٠، المسودة ص ٢٢٨، المحصول (٣/ ٥٦٦)، الحاوي (٢٠/ ١٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>