للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمندوب ليس فيه كلفة ولا مشقة، لأن المكلف يستطيع تركه، بدون عقاب ولا حرمة، فكأن المندوب ليس بتكليف كالمباح.

وقد اعتبر بعض العلماء كلام أبي إسحاق في أن المندوب والمباح من الحكم التكليفي شاذًّا وظاهر الفساد، وأنه لا يليق بشأنه ومكانته، وأوَّلوا كلامه بأنه يريد وجوب اعتقاد الندبية، وهو حكم تكليفي، كما جعلوا المباح تكليفًا، لأن اعتقاد إباحته واجب، وهذا أمر متفق عليه (١).

وأرى أن الخلاف لفظي واصطلاحي، ولا أثر له، لأن كل فريق نظر للأمر من جانب يختلف عن نظر الفريق الثاني.

[حكم الشروع في المندوب]

سبق في التعريف أن المندوب ما يستحق فاعله الثواب، وتاركه لا يستحق العقاب، أي: إن المسلم مخير بين الفعل لكسب الثواب، وبين الترك وعدم الأجر، أو إن المكلف إن أراد الثواب والأجر فعل المندوب، وإلا تركه بدون عقاب، أما إذا شرع بالمندوب فهل يبقى له الخيار في استكمال الفعل أو تركه، وإن تركه فلا شيء عليه، أم يجبر على الاستمرار؟ وبتعبير آخر، هل يبقى المندوب بعد الشروع به على حاله السابقة قبل الشروع أم ينقلب إلى واجب؟

اختلف علماء الأصول في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: أن المندوب يبقى على حاله بعد الشروع فيه، ولا يجب إتمامه، وإن تركه الفاعل فلا إثم عليه ولا يجب عليه قضاؤه، وهو مذهب الشافعية (٢).


= ٢ ص ٢٢٤، والمراجع السابقة.
(١) المراجع السابقة، مباحث الحكم: ص ٩٥.
(٢) هذا في الصوم والصلاة، أما الحج والعمرة فيجب إتمامهما بعد الشروع فيهما نفلًا =

<<  <  ج: ص:  >  >>