كتاب الوجيز في أصول الفقه الإسلامي

مسائل في النسخ - ٢ - النسخ بالزيادة على النص - ج: 2 - ص: 265

[٢ - النسخ بالزيادة على النص]

إذا وردت زيادة غير مستقلة، ومتأخرة عن النص، فتكون نسخًا عند الحنفية، وليست نسخًا عند الجمهور، وإنما يعمل بها وتضاف لما سبق دون نسخ، مثل حديث "إنما الأعمال بالنيات" (١)، فهو زيادة على مضمون آية الوضوء، ومثل حديث التغريب للزاني غير المحصن (٢)، فهو زيادة على حد الجلد في قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: ٢]، واشتراط الطهارة في الطوات في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الطواف بالبيت صلاة" (٣)، فهو زيادة على قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٢٩]، ومثل وصف الرقبة بالإيمان للعتق في كفارة اليمين وكفارة الظهار، فهو زيادة على النص القرآني المطلق عن التقييد بهذا الوصف {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}، [المجادلة: ٣، المائدة: ٨٩].

وهذا خلاف اصطلاحي، فالجمهور يعتبرونه تخصيصًا، والحنفية يعتبرونه نسخًا مع بعض الآثار في ذلك كقبول خبر الواحد في التخصيص دون النسخ، ولكل أدلته ومناقشته (٤).

[٣ - نسخ الأخبار]

إذا كان الخبر يتضمن حكمًا شرعيًّا تكليفيًّا، فيجوز نسخه باتفاق؛ لأنه

---

(١) هذا حديث مشهور، اتفق العلماء على صحته، ورواه أصحاب الصحاح والسنن.
(٢) وهو الوارد في حديث عبادة رضي اللَّه عنه "البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام" وسبق بيانه.
(٣) هذا الحديث رواه الحاكم وصححه، والبيهقي وحسنه، والطبراني وأبو نعيم عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٤) انظر: كشف الأسرار (٢/ ٩١١)، أصول السرخسي (٢/ ٨٢)، المعتمد (١/ ٤٣٧)، المدخل إلى مذهب أحمد ص ٩٨، إرشاد الفحول ص ١٩٤ وما بعدها، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (٢/ ٩٨١)، الفصول (٢/ ٣١٥)، شرح الكوكب المنير (٣/ ٥٨١)، العضد (٢/ ٢٠١)، المحصول (٣/ ٥٤٢)، شرح تنقيح الفصول ص ٣١٧، نهاية السول (٢/ ١٩٠)، المسودة ص ٢٠٧، روضة الناظر ص ٧٩، المستصفى (١/ ١١٧).