للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في قوله: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢)} [الفجر: ٢٢]، والنزول الوارد في الحديث الصحيح في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ينزلُ ربُّنا تباركَ وتعالى كلَّ ليلة إلى سماء الدُّنْيا حين يبقى ثلثُ الليل الآخر، يقول: مَنْ يَدْعُوني فأستجيبَ له؟ مَنْ يسألُني فأعْطِيَه؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُني فأغفرَ له؟ " (١) وغير ذلك (٢).

حكم المتشابه:

اختلف المفسرون وعلماء الكلام والتوحيد في معرفة حكم المتشابه على طريقتين، وهما:

[١ - طريقة السلف]

وهي طريقة عامة أهل السنة والجماعة، وأيَّدها جماهير العلماء، وذلك بالامتناع عن تأويل الألفاظ المتشابهة، والاعتقاد بها كما جاءت، وترك الاشتغال بمحاولة معرفة معناها، والتسليم بما يريد الشارع، فاللَّه أعلم بمراده منها، ولا يترتب عليها حكم، وهذه الطريقة أسلم في الاعتقاد، وسدًّا لباب التأويل الذي لا يؤمن جانبه، وتختلف فيه الأنظار.

[٢ - طريقة الخلف]

وهي رأي بعض العلماء والفرق الكلامية، وذلك بتأويل المتشابه بما يوافق اللغة، ويصرفه عن ظاهره؛ لأن ظاهر هذه الآيات مستحيل على اللَّه؛ لأنه ليس كمثله شيء، فاللَّه لا يدَ له ولا عين ولا وجه ولا مكان، وكل ما يستحيل إرادته ظاهرًا فيجب أن يؤول ويصرف عن هذا الظاهر، ويراد به معنى يحتمله اللفظ ولو بطريق المجاز، وبذلك نُنَزّه الخالق عن التشبيه بخلقه، فاليدُ هي القدرة والقوة، والعين هي


(١) هذا الحديث أخرجه البخاري في (صحيحه ١/ ٣٨٤ رقم ١٠٩٤).
(٢) أصول السرخسي (١/ ١٧٠)، كشف الأسرار (١/ ٥٦)، المستصفى (١/ ٣٦٣)، الإحكام للآمدي (٣/ ١٠١)، جمع الجوامع والمحلي والبناني عليه (٢/ ٦١)، شرح الكوكب المنير (٣/ ٤١٢) وما بعدها، إرشاد الفحول ص ١٦٩، علم أصول الفقه ص ١٧٥ - ١٧٦، تفسير النصوص (١/ ٣١٢ - ٣٢١)، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (١/ ٣٤٣)، أصول الأحكام ص ٢٤٩، الحاوي الكبير للماوردي (٢٠/ ١٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>