فيجمع بينهما بأن يعمل بهما معًا بتوزيعها على الأفراد، فيتعلق حكم أحدهما بالبعض، ويتعلق حكم الآخر بالبعض الآخر، مثاله الحديث السابق "خيرُ الشهود" مع حديث "يشهدون قبل أن يُسْتشهدوا" ومثل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}[البقرة: ٢٣٤]، مع قوله تعالى:{وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}[الطلاق: ٤]، فتحمل الأولى على بعض الأفراد، وهن المتوفى عنهن أزواجهن غير الحاملات، وتحمل الثانية على الحاملات.
ومثله قوله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ}[البقرة: ١٨٠]، مع قوله تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} إلى آخر آيات المواريث، [النساء: ١١ - ١٢، ١٧٦]، فالآية الأولى توجب الوصية للوالدين والأقارب بالمعروف، والآية الثانية توجب للوالدين والأقارب حقًّا من التركة بوصية اللَّه تعالى، لا بوصية المورث، فهما متعارضتات ظاهرًا، ويمكن التوفيق بينهما بالجمع بأن يراد بآية سورة البقرة الوالدان والأقربون الذين منعوا من الإرث بسبب كاختلاف الدين، أو حجبوا باقرب كالإخوة بالأبناء، والجد بالأب، والآية الثانية يراد بها الوالدان والأقربون الوارثون فعلًا.
[٢ - الترجيح بين الدليلين]
إذا تعذر الجمع بين الدليلين فذهب الجمهور إلى العمل لترجيح أحد الدليلين على الآخر بأحد المرجحات التي سنذكرها، أو سبق بيانها عند الحنفية، ويعمل المجتهد بما اقتضاه الدليل الراجح.
[٣ - النسخ]
إذا تعذر الجمع بين الدليلين، أو ترجيح أحدهما، لجأ المجتهد إلى طريقة النسخ، إذا كان مدلولهما قابلًا للنسخ، وعلم تقدم أحدهما، وتأخر الآخر، فيكون المتاخر ناسخًا للمتقدم، كما سبق في مبحث النسخ.
[٤ - تساقط الدليلين]
إذا تعذرت الوجوه السابقة في دفع التعارض من الجمع أو الترجيح أو