للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الأول تعريف التقليد والاتباع]

[تعريف التقليد]

التقليد لغة: وضع الشيء في العنق حال كونه محيطًا به، ويسمى ذلك الشيء قلادة، ومنه تقليد الهدي في الحج، أي: وضع القلادة في عنق ما يُهدى إلى الحرم من النَّعَم، وجمع القلادة قلائد (١).

والتقليد اصطلاحًا: أخذ مذهب الغير من غير معرفة دليله، فالمقلد يعتقد صحة ما يقوله غيره، ويتبعه عليه من غير معرفة الدليل الذي أوجب القول، سواء كان ذلك قولًا أو فعلًا، عملًا أو تركًا، ويسمى المقلد عاميًّا، وهذا يشمل كل إنسان غير مجتهد في الشرع، ولو كان عالمًا وخبيرًا في علم آخر.

ويخرج من التعريف المجتهد إذا عرف الدليل، ووافق اجتهاده اجتهاد مجتهد آخر، فإنه لا يسمى تقليدًا، كقولهم: أخذ الشافعي بمذهب مالك في كذا، وأخذ أحمد بمذهب الشافعي في كذا؛ لأنه عند معرفة دليله حق المعرفة يكون قد أخذ الحكم من الدليل، لا من المجتهد السابق، فيكون إطلاق الأخذ بمذهبه فيه تجوّز.

وكذلك فإن الرجوع إلى قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وإلى المعلوم بالضرورة، وإلى الإجماع (٢)، ورجوع القاضي إلى شهادة الشاهد، ليس بتقليد حقيقة؛ لقيام الحجة بذلك، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -هو نفس الحجة والدليل، ولو سمي تقليدًا، لساغ ذلك توسعة، ولا مشاحة في الاصطلاح (٣).


(١) المصباح المنير (٢/ ٧٠٤)، القاموس المحيط (١/ ٣٢٩)، مختار الصحاح ص ٥٤٨، المعجم الوسيط ص ٧٥٤، مادة قَلَدَ.
(٢) قال بعض العلماء: إن الرجوع إلى قول المفتي لا يسمى تقليدًا، ولكن الراجح عند الأكثرين أنه تقليد، وقال ابن تيمية رحمه اللَّه تعالى: الرجوع إلى قول الصحابي ليس بتقليد؛ لأنه حجة، انظر: المسودة ص ٤٦٢، شرح الكوكب المنير (٤/ ٥٣١ - ٥٣٣).
(٣) المستصفى (٢/ ٣٨٧)، الإحكام لابن حزم (١/ ٣٧)، التعريفات للجرجاني ص ٣٤، المجموع للنووي (١/ ٨٩)، الروضة لابن قدامة ص ٣٨٢، البرهان (٢/ ١٣٥٧)، البحر =

<<  <  ج: ص:  >  >>