للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبادة، وأن كل أمر قصد به المكلف وجه اللَّه تعالى أصبح عبادة يستحق به صاحبه الأجر والثواب.

الثاني: أن المباح خادم للواجب والمندوب، وأن المباح مباح بالجزء مطلوب الفعل أو مطلوب الترك بالكل (١)، وهذا ما انفرد به الشاطبي، وسوف نعرضه بالتفصيل في نهاية البحث.

[هل المباح مأمور بطلبه أو باجتنابه؟]

قبل الجواب عن هذا السؤال نبين أن المباح حكم شرعي بإجماع علماء الأصول، وخالف بعض المعتزلة وقالوا: إن المباح ليس حكمًا شرعيًّا، لأن المباح ما لا حرج في فعله وتركه، وهذا ثابت قبل النص عليه في الشرع، فيبقى مستمرًا لاستصحاب الحال، ولا علاقة للحكم التكليفي به، والواقع أن المباح كحكم شرعي هو خطاب اللَّه تعالى المتعلق بتخيير المكلف بين الفعل والترك، وهذا ثابت بالخطاب الذي تثبت به الأحكام الشرعية الأخرى (٢)، ولئن كان المباح حكمًا شرعيًّا، فإنه ليس حكمًا تكليفيًّا، لأن التكليف ما فيه كلفة ومشقة، والتخيير ليس فيه كلفة ومشقة، وإنما دخل في الحكم التكليفي من جهة التغليب، ويدخل في الواجب من جهة الاعتقاد بإباحته (٣).

أما من جهة الأمر بالمباح فيكاد العلماء يتفقون على أن المباح غير مأمور به، وأن الشارع خير المكلف فيه، فلم يأمر المكلف بفعله ولم يطلب منه الترك (٤).


(١) الموافقات: ١ ص ٧٨، ٨٥.
(٢) المستصفى: ١ ص ٧٥، الإحكام، الآمدي: ١ ص ١١٥، مباحث الحكم: ص ١٠٧.
(٣) الإحكام، الآمدي: ١ ص ١١٧، مباحث الحكم: ص ١٠٩، المدخل إلى مذهب أحمد: ص ٦٤.
(٤) المستصفى: ١ ص ٧٥، تيسير التحرير: ٢ ص ٢٢٦، الإحكام، الآمدي: ١ ص ١١٥، =

<<  <  ج: ص:  >  >>