للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعض العلماء سار في كتابة الأصول على طريقة التأليف في الفقه، فسبك قواعد الأصول بأسلوب متتابع ومتسلسل، وسميت هذه الطريقة بطريقة الفقهاء أو طريقة الحنفية، وسار عليها أكثر علماء المذهب الحنفي.

وامتازت كل طريقة ببعض المزايا والخصائص، وشابها بعض العيوب، فجاء المتأخرون وجمعوا بين الطريقتين باتباع مزايا وفوائد كل طريقة، وتجنب عيوبها، وسميت هذه الطريقة بطريقة المتأخرين.

فما هي ميزات كل طريقة، وما هي الكتب التي دونت في كل منها؟

أولًا: طريقة المتكلمين أو الشافعية:

تمتاز طريقة علماء الكلام أو طريقة الشافعية بأنها تحقق قواعد هذا العلم تحقيقًا منطقيًّا نظريًّا، وتقرر القواعد الأصولية وتنقحها، وتثبت ما أيده البرهان العقلي والنقلي، وتنظر إلى الحقائق المجردة، ولم تلتفت هذه الطريقة إلى التوفيق بين القواعد وبين الفروع التي استنبطها الأئمة في الفقه، ولا تعنى بالأحكام الفقهية؛ لأن الأصول علم مستقل عن الفقه، فكانت هذه الطريقة تهتم بتحرير القواعد وتنقيحها.

فما أيده العقل، وقام عليه البرهان، فهو الأصل والقاعدة، سواء أوافق الفروع المذهبية أم خالفها، وسواء أوافق الأصل الذي وصل إليه الإمام أم لا (١)، ولذا نلاحظ مثلًا أن الآمدي اعتبر الإجماع السكوتي حجة، خلافًا لأصل إمامه الشافعي رحمه الله، لأن الدليل والحجة أوصلاه إلى ذلك (٢).


(١) يقول إمام الحرمين الجويني رحمه الله تعالى: "على أنَّا في مسالك الأصول لا نلتفت إلى مسائل الفقه، فالفرع يصحح على الأصل، لا على الفرع" البرهان، له: ٢/ ١٣٦٣.
(٢) الإحكام في أصول الأحكام، الآمدي: ١ ص ١٨٠، وانظر المسائل التي خالف فيها الجويني إمامه الشافعي في (البرهان ٢/ ١٤٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>