للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شروط المجتهد المقيد]

إن الشروط السابقة تختص بالمجتهد المطلق، وهو نادر الحصول في العصور المتأخرة والحاضرة، أما المجتهد المقيد، أو المجتهد الجزئي في مسألة أو بجانب فقهي كالمعاملات المالية، أو الجهاد وما يتعلق به، أو الجنايات، أو الإثبات، أو القضاء، أو الميراث، فلا يشترط فيه جميع الشروط السابقة، وإنما يشترط فيه أن يكون عالمًا بذلك الجانب الذي يجتهد فيه وما يتعلق بهذا الاختصاص، وهذا ما يؤدي إلى جواز تجزؤ الاجتهاد كما سنرى.

كما أن المجتهد في المذهب لا يشترط أن تتوفر فيه شروط المجتهد المطلق السابقة، وإنما يكفيه أن يكون ملمًّا بمذهبه، وقول إمام المذهب، وآراء علماء المذهب والمجتهدين فيه، وأصول المذهب التي اعتمد عليها الإمام، والأدلة الفرعية التي استدل بها الفقهاء على حكم معين، ليستطيع التخريج أو الترجيح في المذهب، وبالتالي بيان أحكام النوازل المستجدة حسب ذلك المذهب.

يقول الغزالي رحمه اللَّه تعالى: "وليس الاجتهاد عندي مَنْصبًا لا يتجزأ، بل يجوز أن يقال للعالم بمنصب الاجتهاد في بعض الأحكام دون بعض" (١).

ويقول الآمدي رحمه اللَّه تعالى: "أما الاجتهاد في حكم بعض المسائل فيكفي فيه أن يكون عارفًا بما يتعلق بتلك المسألة، وما لا بدَّ منه فيها، ولا يضره في ذلك جهله بما لا تعلق بها" (٢).

وهذه الشروط الخاصة للمجتهد المقيد، أو المجتهد في المذهب، هي المطلوبة الآن، مما يحصّلها الباحث والدارس المتخصص في الشريعة والفقه وأصول الفقه (٣).


= المنير (٤/ ٤٦٦)، إرشاد الفحول ص ٢٥٢، المدخل إلى مذهب أحمد ص ١٨٢.
(١) المستصفى (٢/ ٣٥٣).
(٢) إحكام الأحكام، له (٤/ ١٦٣).
(٣) البحر المحيط (٦/ ٢٠٥)، شرح الكوكب المنير (٤/ ٤٦٧)، إرشاد الفحول =

<<  <  ج: ص:  >  >>