للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأمثلة على ذلك كثيرة، كقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨]، فاللفظ يدل بالعبارة على وجوب العدة على المطلقة، لعلة تعرّف براءة الرحم، ويفهم منها بالإشارة لكل من يعرف اللغة وجوب العدة على كل حالة فسخ للزواج عن طريق القاضي وغيره لوجود علة وجوب العدة، ومثله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجم ماعزًا؛ لأنه زان مُحْصَن، وليس لكونه ماعزًا، فيثبت الرجم لكل زان محصن بدلالة النص، وأوجب رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - الكفارة بسبب الجماع في نهار رمضان على الأعرابي، تجب الكفارة بدلالة النص على كل من فعل ذلك في رمضان، ومن ذلك أن اللَّه وصف بعض أهل الكتاب بالائتمان على القنطار، فيفهم بدلالة النص بالأولى على ائتمانهم على الأقل، ووصف بعض أهل الكتاب بعدم الائتمان على الدينار، فيفهم بدلالة النص عدم ائتمانهم على الأكثر (١).

والأمثلة في العقوبات الشرعية والقوانين كثيرة، فيشترك الدَّرْء مع المحاربين بالعقوبة، وإذا استفاد الجاني من الظرف المخفف على جناية القتل فيستفيد بالأولى من الظرف المخفف على ما دونها من جنسها، وأن القانون الجنائي (الفرنسي الأصل) أعطى الزوج حق وقف العقوبة على زوجته الزانية، فيدل ذلك أنه يحق له وقف الدعوى عليها بالأولى (٢).

[٤ - دلالة الاقتضاء]

هي دلالة الكلام على مسكوت عنه ويتوقف صدق الكلام أو صحته شرعًا على تقديره، فالمعنى من النص لا يستقيم إلا بتقديره الاقتضاء؛ لأن صحة الكلام واستقامة معناه يقتضي التقدير فيه، وكذلك صدق الكلام ومطابقته للواقع يقتضي التقدير فيه بما هو خارج عنه، فالدلالة على المعنى المقدر


(١) انظر: تفسير النصوص (١/ ٥١٩) وما بعدها، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (١/ ٣٥٤)، أثر الاختلاف في القواعد الأصولية ص ١٣٤.
(٢) علم أصول الفقه ص ١٤٩، أصول الأحكام ص ٢٥٨، تفسير النصوص (١/ ٥٣٤، ٥٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>