[٣ - الاتفاق في الحكم مع اتحاد الوقت والمحل والجهة]
فإذا اختلف الحكم بحسب الوقت أو المحل أو الجهة، فلا تعارض، ولا ترجيح، فلا تعارض بين النهي عن البيع مثلًا في وقت النداء للجمعة، مع الإذن به في وقت آخر، ولا تعارض بين النهي عن الصلاة في الأوقات المكروهة والترغيب بها في وقت آخر، وكذا النهي عن صيام التطوع للمرأة المتزوجة إلا بإذن زوجها والترغيب به لغير المتزوجة، وهكذا.
[٤ - عدم إمكان الجمع بين الدليلين]
إذا ورد دليلان متعارضان فيشترط للترجيح بينهما عند جمهور الأصوليين عدم إمكان الجمع بينهما؛ لأنه يجب -حسب طريقة الجمهور تقديم الجمع بين الدليلين على الترجيح، كما سبق؛ لأن في الجمع عملًا بكلا الدليلين، وفي الترجيح يعمل بأحدهما ويهمل الآخر، وإعمال الدليلين أولى من إعمال أحدهما وإهمال الآخر، حسب القاعدة الفقهية:"إعمال الكلام خير من إهماله".
وقال الحنفية: لا يشترط ذلك، ويجب تقديم الترجيح على الجمع؛ لأن العمل بالراجح أولى عقلًا؛ ولأن الدليل المرجوح يفقد حجيته عند معارضته للدليل الراجح، فلم يبق دليلًا معتبرًا حتى يجمع بينه وبين الدليل الراجح، وهو ما سبق بيانه.
[٥ - عدم النسخ]
يشترط في الترجيح ألا يكون أحد الدليلين ناسخًا للآخر؛ لأنه إذا تحقق النسخ، فلا مجال للترجيح، ويعمل بالناسخ ويترك المنسوخ، وهذا شرط عند بعض العلماء.
وقال آخرون: إن التعارض حاصل بين الدليلين، ويطلب من المجتهد البحث عن الترجيح بينهما، فإن تأكد من تاريخ النصين، وسبق أحدهما، وتأخر الآخر، رجح الناسخ على المنسوخ، وزال التعارض.
[٦ - استقلال المرجح وعدمه]
اشترط الحنفية أن يكون المرجح لأحد الدليلين وصفًا قائمًا بالدليل، كأن يكون الراوي أفقه من الآخر، أو تكون دلالة الراجح بالمنطوق والآخر