للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تشريعي واجب الاتباع متى صح نقلها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

ثالثًا: المعقول:

وذلك من عدة وجوه:

١ - إن القرآن الكريم فرض على الناس فرائض مجملة، وشرع لهم أحكامًا عامة، وأخبرهم عن واجبات كثيرة، ولم يبين القرآن الكريم تفصيل هذه الفرائض والأحكام والواجبات، ويستحيل عقلًا استنباط ذلك وكيفيته إذا أراد المكلف المخاطب بالقرآن الكريم أن يؤدي هذه الفرائض، وينفذ تلك الأحكام بنفسه، ويرضي ربه في قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}، {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}، {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ}، {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}، {وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}، {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}، فجاء الرسول الكريم فبين هذا الإجمال بالسنة القولية والعملية، لما منحه الله تعالى من سلطة البيان، بقوله تعالى: {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٤٤)} [النحل: ٤٤].

٢ - كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترجمة عملية للقرآن الكريم، وكانت أعماله وأفعاله صورة حية للأحكام الواردة في كتاب الله تعالى، وكانت أوصافه وأخلاقه تنفيذًا واقعيًّا لأوامر الله تعالى، وقد سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خُلُق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: "كان خُلُقُه القرآن"، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتمثل كلام ربه، ويلتزم رضاه، ويسير على الصراط المستقيم، بل كان أول من ينفذ أحكامه، وخير من يطبق كتابه، فكانت سنته وسيرته تطبيقًا عمليًّا لأحكام القرآن الكريم، وبيانًا واقعيًّا للناس (١).

فلا جرم أن تكون أقواله وأفعاله وكل ما يصدر عنه موافقًا لحكم الله


(١) فقه السيرة، الغزالي: ص ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>