للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما وردت آيات كثيرة وأحاديث متعددة تؤكد رفع الحرج والعسر في التكاليف، وأن اللَّه أراد التيسير والتخفيف عنا في الأوامر والنواهي الشرعية دون أن يصيب المسلم إرهاق وإعنات منها (١)، فقال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨]، وقال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (٢٨)} [النساء: ٢٨]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إنما بُعثتم ميسرين ولم تبعثوا مُعسرين" (٢).

والحكمة من رفع الحرج وعدم المشقة في التكاليف هو التخفيف عن العباد، والرغبة في استمرار المكلف بها، وألا يتطرأ إليه انقطاع في الطريق وبغض للعبادة، وكراهية للتكاليف، وألا تشغله التكاليف عن أعماله الأخرى وواجباته الخاصة في نفسه وأهله ومجتمعه (٣)، ولذا ورد عن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: "إن لزوجك عليك حقًّا، وإن لنفسك عليك حقًّا، وإن لربك عليك حقًّا، فأعط كل ذي حق حقه" (٤).

[أقسام المحكوم فيه]

أولًا: أقسام المحكوم فيه باعتبار ماهيته:

المحكوم فيه له وجود حسي، لأنه فعل من أفعال المكلفين يُدرك بأحد الحواس، وبعد ذلك إما أن يكون له وجود واعتبار شرعي، بأن يشترط الشارع لوجوده أركانًا وشروطًا معينة، وإما أن لا يكون له اعتبار شرعي، وكل قسم منهما إما أن يترتب عليه حكم شرعي، وإما أن لا يترتب عليه حكم شرعي، فالمحكوم فيه أربعة أقسام:


(١) الموافقات: ٢ ص ٨٦، وانظر تفصيل ذلك في كتابنا "الاعتدال في التَدَيُّن".
(٢) رواه البخاري ١/ ٨٩، والترمذي (الفتح الكبير ١/ ٤٣٧).
(٣) أصول الفقه، الخضري: ص ٧٨.
(٤) رواه مسلم ٩/ ١٧٥، والبخاري ٥/ ١٩٤٩، والنسائي، ومر في الصفحة السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>