للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالخاص، واشترطوا النصاب لعدم التعارض، وقال الحنفية بالتعارض وتقديم النص العام لرجحانه، ولم يشترطوا النصاب (١).

[أنواع العام]

يرد العام في النصوص الشرعية على ثلاثة أنواع، ولكل نوع دلالة، وهي:

١ - العام الذي يراد به العموم قطعًا:

وهو العام الذي صحبته قرينة تنفي احتمال تخصيصه، وهو قليل كالعام في قوله تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [الأنعام: ١]، وقوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦)} [الرحمن: ٢٦]، وقوله تعالى: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: ٢٨٤]، وقوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: ٦]، وقوله: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء: ٣٠]، فهذه الآيات تقرر سننًا إلهية لا تتبدل ولا تتغير، ودلالة العام فيها قطعي الدلالة على العموم، ولا يحتمل التخصيص، ويبقى العام شاملًا لجميع أفراده على الدوام.

٢ - العام الذي يراد به الخصوص قطعًا:

وهو العام الذي صحبته قرينة تنفي بقاءه على عمومه، وتبين أن المراد منه بعض أفراده، مثل قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: ٩٧]، فالناس في هذا النص عام، ولكن يراد به خصوص المستطيعين، لقرينة قوله تعالى: {مَنِ اسْتَطَاعَ} كما أن ليس كل مستطيع مطالبًا بالحج؛ لأن العقل يقضي بخروج المجنون، والمراد المكلَّفون فقط، فالمكلف هو البالغ العاقل، ومثل قوله تعالى: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ} [التوبة: ١٢٠]، فأهل المدينة والأعراب لفظان عامان، ويراد بكل منهما خصوص المكلفين؛ لأن العقل يقضي بخروج العجزة، فذلك عام يراد به الخصوص قطعًا.


(١) انظر المراجع السابقة ص ١٥٤ هامش ١، فالاختلاف هنا أثر لاختلاف العلماء في دلالة العام.

<<  <  ج: ص:  >  >>